يردني الكثير من الشكاوى من الفتيات المراهقات في مرحلة الثانوية. يردني الكثير من الشكاوى من الفتيات المراهقات في مرحلة الثانوية، تحمل الكثير من المنطق والألم والحزن مما يجعلني أتساءل: إذا كان في هذا العالم ورود فهن هؤلاء الفتيات فلم نؤلمهن؟ نحن الذين خبرنا الحياة ونعلم أن الكثير مما اعتقدناه سابقاً لايستحق هذا التشدد، وأن الحياة أبسط من كل هذا التعقيد لذا كنت في كل مرة ألتقي من أظنهن سبب المشكلة أو الشكوى أحرص على إلقائها بين أيديهن للاستماع لحجتهن ومحاولة تغيير رؤيتهن حولها لذا وفي ذات يوم كنت أحضر دورة تدريبية مع عدد من مديرات المدارس وفي فترة الراحة قلت لهن: "عندي لكن سؤال " في الواقع إني قلت بطريقة مرحة جعلتهن يلتفتن جميعاً نحوي وهن يبدين استعدادهن لتلقي السؤال والإجابة عنه لأفاجئهن بقولي: "لم تقمن بإزالة المرايات من دورات المياه في المدارس الثانوية؟" ليصمتن جميعاً إلا واحدة واثنتين أشرن إلى أني لابد كنت طالبة مشاغبة تهرب من الحصة للوقوف أمام المرآة وتبادل الحديث مع مشاغبة أخرى، لم يكن ذلك حقيقياً، لكنني في كل مرة أدخل مدرسة وأدخل دورات مياهها أشعر بالحزن على هؤلاء الفتيات اللاتي لاينظرن إلى وجوههن، حتى تعود إلى البيت في مناقضة حقيقية لطبيعة الأنثى التي تهتم بشكلها الخارجي وهندامها وترتيب شعرها، وذلك لن يحدث دون أن تطمئن عليه في المرآة على الأقل مرتين إلى ثلاث في اليوم, ناهيك عن منع وضع الكحل والروج وأحمر الخدود, والله عزوجل يقول في كتابه الكريم واصفاً المرأة: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف : 18] أي تنشأ وسط التحلية وهي الزينة الكحل و"الميك أب"، في الوقت الذي تمنع الفتاة لدينا من الصف الأول المتوسط حتى الثالث الثانوي من المكياج، ومن مشاهدة نفسها في المرآة طوال اليوم الدراسي. في نظري إن ذلك أحد أسباب ظهور الفتيات المسترجلات لدينا، فالأنوثة مكتفة اليدين محبوسة لمدة ست سنوات وهذه التعقيدات لم تؤخذ من ديننا أو تقاليدنا بل أخذت من النظام البريطاني المتشدد في المدارس، وما أخشاه أيضا أن يكون ذلك أيضا سبباً لغلاظة الفتاة السعودية في مقابل رقة غيرها، وهي الدعوى التي يدعيها البعض ولست كإمرأة متأكدة منها، لكن الرجال يقولونها كثيراً، فهل لهذا التشدد في التعامل معها وحرمانها من الاستمتاع بزينتها في مرحلة نموها تأثيره القاسي على شخصيتها كأنثى أظن هذه تحتاج لدراسة نفسية واجتماعية للتأكد من حقيقتها. الشكوى الثانية تتمثل في المباني الدراسية المخصصة للبنات ولا أقصد المنظر الخارجي الذي يذكرك بقلعة "قيتباي" في الإسكندرية التي صممت لحمايته من الغزوات البحرية، ولا أعرف من اختارها بالضبط لكنني لاأشك أنه لايتمتع بأي خبرة في التدريس ومعايشة المبنى المدرسي وبالتالي تلمس احتياجات الطالبات والمعلمات فتجد مباني البنات تخلو من الملاعب والساحات والمسارح وتغلب عليها الممرات الضيقة مما يثير الأسى. إن فترة الطفولة والمراهقةعند البنات لاتختلف كثيرا عن الأولاد فهن أيضا يحببن اللعب والجري خلف بعضهن والتمثيل والأناشيد، فلماذا يتناسى هذا المصمم حاجاتهن، ويتذكر فقط حمايتهن من الأعين؟ وبعد؛ هناك الكثير من شكاواهن الجميلة مثلهن أتمنى أن تصل لمن بيده القدرة على التغيير.