هل سمعت بالحكم الشرعي الذي أصدرته المحكمة الجزئية بالرياض على أحد الرقاة الشرعيين (ولا أعرف لماذا يحملون صفة شرعيين). ليس مهما الحكم، ولكن المهم الفعل الذي مارسه هذا الراقي الشرعي وهو فعل خسيس مشبع بالدناءة والسعي لإفساد حياة أسرية كريمة وقذف محصنة.. أي أنه أحدث جملة منكرات لم يكن ليفعلها لولا ثقة الناس بما يتفوه به من كلام الله وبما يحمله من سمت المتدينين، فهذا الراقي جاءت إليه امرأة طلبا للرقية فدخلت في نفسه وعندما وجدها متزوجة سعى إلى تطليقها من زوجها بتشويه سمعتها، وذلك بإرسال رسائل إلى جوال الزوج يشككه في زوجته ويصفها بأنها امرأة فاسدة، وزاد على ذلك بإرسال رسائل خطية إلى الزوج بوضعها على سيارته. هذه الحالة (وحالات أخرى) طفحت إلى سطح الإعلام ومعرفة ما يحدث من قبل بعض الرقاة وهي حالات تجعلنا نقف للمرة الألف من قضية الرقية الشرعية والقول إنها ليست مهنة لدر المال أو التكسب بكلام الله، وهي تجارة (وإن أجازها البعض) إلا أنها تجارة تدليس وغش يجب الوقوف حيالها بالمنع وإدخال محاربة الراقين الشرعيين المتاجرين بالرقية من مهام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومطالبتي بمحاربة هذه المهنة كوننا تعلمنا أن ما ليس له مستند إجازة من القرآن أو السنة فهو أمر مبتدع، وهو الابتداع الضار الذي يتعارض مع القاعدة الفقهية الأصيلة (لا ضرر ولا ضرار)، فهل قرأ أحد منكم عن صحابي تاجر بهذه الرقية؟. فالمعروف سندا أن الرسول صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل عليه السلام، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه ويرقى عليه (كما كانت تفعل عائشة رضي الله عنها) وتقول أمنا عائشة أيضا إن الرسول كان يأمرها أن تسترقي من العين، وكان بعض الصحابة يرقي بعضهم بعضا. وكل سير الصحابة لم تذكر أن صحابيا جلس في بيته لاستقبال الناس ورقيهم مقابل عطايا أو هدايا أو ثمن لماء أو زيت كما هو حادث الآن، أتمنى من أي عالم أن يأتي بسيرة صحابي حول الرقية إلى تكسب، أتمنى!. إذا من أي باب أجيز نفع الأخ لأخيه لأن تتحول هذه المنفعة إلى تجارة كثر بها الكذابون والمدلسون والفجرة والأفاقون والمشعوذون .. من أين؟ وإذا كان الأمر جاء بالرقية فالمرء يستطيع أن يرقي نفسه بنفسه، فلماذا نخلق ظنا عند الناس بأن راقيا سيشفينا، أو ليس في تسرب هذا الظن إلى نفوس البشر مزلق للشرك الأصغر. كما أن رقية الإنسان لنفسه وبيقين الشفاء يشفى بإذن الله، بينما دعاء الرقاة الحادث الآن جمع العشرات والقراءة الجماعية وهو فعل دال على أن الرقية تحولت إلى تجارة تم شرعنتها في غياب يقين المرء بصلته بالله مباشرة من غير وسيط .. وهذه هي الكارثة الأعظم.. هي دعوة لإبطال التجارة بكلام الله واستغلال سمة الصالحين في تحقيق أغراض دنيوية دنيئة بحجة الرقية الشرعية..