محمد بن سليمان الأحيدب - عكاظ السعودية كنت ولا زلت مولعا بالمطالبة بحفظ حق سرية المعلومة الشخصية في كل شأن، سرية الحسابات البنكية، وسرية معلومات المريض، وسرية معلومات مشترك الهاتف وخلافها من المعلومات التي يفترض عدم إطلاع كائن من كان عليها إلا بإذن صاحبها أو حكم قضائي، وكنت ولا زلت مولعا باتساع هامش الحرية في الإعلام الرياضي وقدرته على طرح القضايا الرياضية بشفافية عالية نسبة للقضايا غير الرياضية، لكنني لا يمكن أن أكون مولعا ولا موافقا على الخلط بين العشقين: السرية الشخصية، وحرية الصحافة. وقد أثبتت حالات للاعبي كرة قدم سعوديين صحة قلقي على عدم حفظ سرية معلومات المريض وسهولة الحصول عليها، ففي العام الماضي نشرت بعض الصفحات الرياضية خبر إصابة أحد لاعبي نادي الاتحاد السعودي بمرض السكر وعلى الفور تلقف أحد (المهرجين) في برنامج رياضي بالقناة الرياضية الخبر متهكما باللاعب الذي كان في مرحلة تجديد عقد أو انتقال قائلا (أنصح النصراويين لا يأخذون (فلان) ترى فيه سكر). وتعجبت آنذاك كيف حصل الإعلام على معلومة طبية خاصة باللاعب كمريض، وعندها اتصلت بعدد من الكتاب الرياضيين ومعدي البرامج الرياضية (الرزينة) بضرورة إثارة موضوع سرية المريض وأن كونه لاعبا مشهورا لا يبيح لأي مستشفى أو طبيب الإدلاء بأسراره المرضية علنا ننشر هذه الثقافة (سرية المعلومات)، ومنذ أيام أعلن رئيس نادي الهلال السعودي عبر حسابه الشخصي في تويتر ما نصه أن اللاعب خالد عزيز برر غيابه بأن تدهور وضع والده فجأة أربكه فلم يلق بالا للهاتف، وقام أحد مسؤولي إدارة القدم صباح يوم السبت (بزيارة المستشفى وقابل الطبيب المعالج لوالد خالد!!) فأخبره أن وضعه مستقر منذ عدة أيام وأنه لم يحدث أي تغيير في الحالة منذ فترة، أي أنه لم يحصل تدهور خلال اليومين الماضيين عليه (انتهى). فبأي حق يتحدث طبيب عن حالة مريض لشخص لا يمت له بأدنى صلة، لولا أن معلومات المريض لا تخضع لأبسط حماية (تقتضي أخلاقيات مهنة الطب عدم تحدث الطبيب عن مريضه لكائن من كان إلا لقريبه المباشر بما يخدم مصلحته، ليس مصلحة نادي ابنه!!) وفي الدول التي تعنى العناية المستحقة بسرية المعلومات الشخصية لا يمكن الإدلاء بتشخيص المرض أو تطوراته إلا لمن يأذن له المريض أو وكيله خطيا. معاناة المواطن السعودي خالد عزيز من هذا التسريب من تناول الصحف الرياضية له ونعته بالكذاب وإفقاد المجتمع الرياضي الثقة فيه وما سيعانيه أهله وأبناؤه (إن كان له أبناء) من ذلك التسريب أمرا تتحمله ذمة من تناول المعلومة بالنشر ومن علق عليها وهو شأن منفصل يحتاج لزوايا وليس جزءا من مقال، لكن المهم عندي هو حال سرية معلومة المريض بالاستشهاد بضحيتين من المشاهير انتهت بالنشر في إعلام لا يرحم فكيف بسرية معلومة المريض العادي، ثم نقول إننا اجتزنا كل الاختبارات العالمية لاعتماد المستشفيات. بقي أن أقول إنني لم أذكر اسم اللاعب الأول منعا لإعادة تناول ما أفشى من سره الشخصي، وذكرت اسم الثاني لأنه لم يبق في تويتر ولا الإعلام الورقي ولا الإلكتروني والمشاهد من لم يعرف بمرض والده وتفاصيل حالاته.. سامح الله من كان السبب.