صالح محمد الجاسر - الاقتصادية السعودية وخضراء الدمن هنا، هي السيارة الحسناء عند الوكيل السيئ، وهذا السوء ليس حالة شاذة بل هو مع الأسف الشديد يكاد يكون هو الغالب، فوكالات السيارات يهمها تسويق كل جديد من سياراتها، وتبذل من أجل ذلك المبالغ الطائلة على الإعلان، مما يدفع الكثيرين إلى المسارعة إلى حجز هذه السيارات، وبسعر يزيد على السعر الحقيقي، وتكون الصدمة حينما ينتهي شهر العسل، وتبدأ هذه الحسناء بطلباتها التي تقصم الظهر، هذه الطلبات التي تراوح بين صيانة لم يُعرها الوكيل اهتماماً، وقطع غيار غاب عن الوكيل توفيرها، حتى أصبح أصحاب هذا النوع من الحسناوات يتداولون قوائم بأسماء محال التشليح التي أصبحت منافساً قوياً في مجال توفير قطع الغيار. أما سوء ومغالاة الوكالات في الصيانة، فكانت فرصة سانحة لكل من أراد الثراء، عبر فتح مراكز صيانة للسيارات تتخصص في هذا النوع من الحسناوات، ولأن من يخطب الحسناء لا يغليه المهر، فهم يتفننون في رفع أسعارهم، مهما كانت الصيانة بسيطة، والكثير منهم رغم رفع السعر لا يصل إلى العطل إلا بعد عدة زيارات مكلفة، ومفهوم الصيانة لدى كثير منهم لا يتجاوز استبدال ما يشكو من خلل بقطعة غيار جديدة. بعض هذه الحسناوات، ومن باب الدلال أصبحت لا تسير مشواراً إلا وتطلب استراحة، إما عند باب صاحبها، أو في إحدى الورش، والبعض منها يصل بها التعالي على الأخرى أن تطلب نقلها على ظهر ""سطحة"" لتختال دلالا بين صاحباتها. إحدى هذه الحسناوات، رغم ما يعانيه من يجعلها له مركباً من أعطال، وشهرتها في انعدام قطع الغيار، وارتفاع تكاليف الإصلاح، تُحجز دفعاتها الأولى قبل أن تصل. مغالاة الوكالات ومحال قطع الغيار في الأسعار، ومغالاة الورش في تكاليف الصيانة، وممارسة الغش والتدليس، وصلت حداً جعل البعض يدفع مبالغ طائلة على مشكلة، قد لا تحتاج إلى عُشر المبلغ، ويدفع ثمناً عالياً لقطع غيار مقلدة. أرجو ألا يعتقد أحد أنني أوجه اللوم إلى وكالات السيارات في عدم اهتمامها بالمستهلك، فحاشا لله أن أفعل، فالملوم هو المستهلك نفسه الذي رغم أن المملكة أكبر سوق للسيارات في المنطقة العربية، إلا أنه لم يستطع أن يفرض على هذه الوكالات مواصفات، أو خدمة تقابل ما تحصل عليه من أرباح. المملكة يا سادة استوردت العام الماضي فقط، ومن اليابان وحدها، أكثر من 150 ألف سيارة من مختلف الأحجام، لتكون في المرتبة السادسة عالمياً بالنسبة لصادرات اليابان من المركبات، أي بعد الولاياتالمتحدة وكندا وأستراليا وروسيا والصين، ورغم ذلك لم نجد من يتساءل لماذا سياراتنا هي الأكثر أعطالا واستهلاكا لقطع الغيار، ولماذا يُفرض على المستهلك شراء مجموعة من القطع بدعوى أنها لا تباع إلا مجتمعة، ولماذا عند أقل حادث، أو مطب صناعي تسقط القطع التي أريد منها أن تكون مصدر حماية للسيارة، وأقصد بذلك الصدام الذي يجب أن يتغير اسمه تبعاً لوضعه الحالي. هناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في مواصفات السيارات التي نستوردها، ووضع ضوابط توفر قطع غيار ومراكز صيانة تتناسب مع عدد السيارات المستوردة، كما يجب منع الوكلاء من تعديل أو إضافة قطع إلى السيارات، تهتم بالشكل على حساب السلامة.