يحل العيد غدا. ويمر كل عيد وكثيرون يتمثلون ببيت المتنبي عيد بأية حال عدت يا عيد. والتمثل لعيدنا هذا واضح. عيد يمر وملايين المسلمين جوعى. يمر هذا العيد والملايين مشردون من الحروب والاضطرابات. يمر هذا العيد وقد أراح الله البلاد ممن سامهم أنواع الذل. يمر هذا العيد وآخرون لم يستريحوا بعد. يمر العيد ولسان حال الكثيرين يقول: بأية حال عدت يا عيد. الحال غير الحال والدار غير الدار. يجيء العيد والكثيرون مع أحبائهم. ويجيء العيد وهناك الباكون على فراق أحبائهم. ولسان حالهم يكرر بأية حالة عدت يا عيد؟ بأية حال عدت يا عيد. هذه الكلمات لا أخال أحدا لا يعرفها. عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ والقصيدة قيلت أصلا بهدف هجاء كافور الذي حكم مصر آنذاك. بل لم ينج أهل مصر من ذم المتنبي، بما وجد منهم، حسب اعتقاده، من إهانة له وحط منزلته وطعنا في شخصيته. فما شخصيته؟ شخصية تعاني جنون العظمة. أليس هو القائل: أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم هذا الغرور أو الإعجاب الزائد بالنفس من أبرز صفات المتنبي، بل ينم شعره عن اعتزاز شبه مطلق بالنفس، أو لنقل ينم عن شخصية مصابة بجنون العظمة. لا شك في علو مقام المتنبي في الشعر، بل يُعدّ شعره من أفضل ما قيل في الحكمة وفلسفة الحياة، ووهبه الله إبداعا وغزارة إنتاج، فهو بحق مفخرة للأدب العربي. دار بين الحكام يمدحهم، لحاجة في نفس يعقوب، تنم عن تلك العظمة والغرور. وهذا يذكرني بساسة أسكرهم جنون العظمة فتلذذوا بالإتيان بالعجائب. وليتها عجائب أفادت البشرية. ربما يقف القذافي على قائمة هؤلاء. فهو غريب الأطوار. قدم نفسه على أنه مفكر عبقري صاحب نظرية في السياسة والحكم تقوم على ""ديمقراطية مباشرة""، والتي تعني أن الجماهير تحكم نفسها بنفسها، لكن كل هذا وهم في وهم فالحكم مُركَّز بيده، فيما سماه البعض نظام اللانظام. ولو قرأت منظمات حقوق الإنسان بقية القصيدة لرأته ينم عن عنصرية شديدة. وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منكم صالح أعمالكم.