في حملة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة الشعب الصومالي الشقيق أعجبني تعليق أحد الضيوف في أستوديو التلفزيون عندما قال إنها حملة شعبية بقرار سياسي، ويقصد قرار الملك الذي صنع القدوة وابتدأ بنفسه، وكان بيانه أو خطابه الإنساني يظهر مدى الرحمة والشفقة، ويحث بثقافة إسلامية جميلة مذكراً بالواجب الديني ثم الإنساني، ومبتدئاً بنفسه في البيان، ثم في افتتاح الحملة. يثق الملك الشهم في شهامة شعبه، لم يحدث أن أمر بحملة شعبية إلا وأتوا من كل حدب وصوب يتنادون لإغاثة الشقيق، وربما الصديق، بل وحتى الإنسان في أي مكان، يحدوهم الأمل في قربى إلى الله، واضعين أمام أعينهم القدوة المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني الذين يبدأون بأنفسهم، ثم الخيرين من الأمراء والعلماء والموسرين، وأيضاً المصارف والشركات السعودية التي نلحظ أن مجموعة منها لا تتأخر أبداً عن أي واجب إنساني أو وطني. يهب الجميع شيباً وولداناً، سعوديين ومقيمين، بأموال، ومصاغ، وكساء وغذاء، ولعل اللافت ازدياد حجم التبرعات الغذائية للحاجة الماسة إليها، إذ رأينا تبرعاً بمنتجات شركات كبرى، وأفراد من كبار ملاك المزارع ومنتجي التمور. نعلم جميعاً أن النائب الثاني يتولى الإشراف على تسلّم وتسليم هذه التبرعات لتحقيق الأهداف منها بدقة، وسجل السعودية حافل بتاريخ مشرق ومشرِّف في الجهود الإغاثية لكل دولة تمر بظرف صعب، أو شعب يمر بظروف قاسية. في الحالة الصومالية يبدو أن الوضع المأسوي سيطول قليلاً، نسأل الله أن يعجل لهم بالفرج، وهنا أتمنى على المختصين في وزارة الداخلية بالتعاون أو التشاور مع الجهات ذات العلاقة أن يفكروا في تخصيص جزء من المساعدة الحكومية السابقة، أو من المعونات التي تم جمعها بالحملة الشعبية في مشاريع مستدامة، تحقق العائد المستمر، وتشرف عليها الصناديق المتخصصة مثل الصندوق السعودي للتنمية، لتكون رافداً لمساعدة هذا الشعب الذي لا يعاني المجاعة فقط بل يعاني أيضاً من ظروف سياسية معروفة. الجوع يقود إلى التطرف، وفي الصومال تطرف من البعض، ومحاولات لقيادة البلد إلى المجهول، وهذا يزيد من أهمية وضرورة إنقاذ البلاد جنباً إلى جنب مع إنقاذ العباد فيها، وهنا أيضاً تبرز الحاجة إلى مساعدات لوجستية في حال نجح الأشقاء هناك في الالتفاف حول حكومة معتدلة تمثل الشعب وتحاول إنقاذه من سنين الجوع والإرهاب وضياع الأمل وضبابية المستقبل. لن يألو خادم الحرمين الشريفين وحكومته وشعبه جهداً في دعم أي مبادرة من الداخل الصومالي أو حتى من الخارج المحايد المنصف لا بالمال ولا بإلقاء الثقل السياسي. كان الفخر يملأنا ونحن نرى قائدنا يقود الإنسان داخلنا إلى ما يحب من نصرة وعون أخيه، وفي هذا الشهر الكريم كانت الفرحة مضاعفة بالروحانية التي زادت وكانت سلاماً علينا أن ستكون لنا مساهمة فاعلة وواضحة في إعادة الحياة إلى هذه البلاد القريبة منا جغرافياً ووجدانياً.