الأمين : نهدف لإعداد جيل قوي لتمثيل المملكة في آسيأ 2034    فريق نيسان للفورمولا إي يحقق مركز الانطلاق الأول ونقاطًا مضاعفة في ميامي    المظالم: معدلات الإنجاز فاقت 46 ألف دعوى    أمانة الطائف تحوّل موقع مهمل إلى رئة جمالية جديدة .    "زين السعودية" شريك إستراتيجي مع "جمعية لأجلهم "لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة    بدء استقبال طلبات صرف تعويضات ملاك العقارات المستوفية للإجراءات في موقع الكدوة بمكة    السجن خمس سنوات لمواطن بتهمة الاحتيال المالي على 41 ضحية عبر منافذ البيع الإلكترونية    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي بالإمارة    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    رياح نشطة على عدة أجزاء من مناطق المملكة    الجبير ومسؤول أوروبي يستعرضان التعاون المشترك    في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وباريس لحسم التأهل أمام دورتموند وأستون فيلا    بعد قرار مفاجئ.. إلقاء مدير مستشفى في حاوية قمامة    السودان يدخل عامه الثالث من الحرب وسط أوضاع إنسانية كارثية.. مكاسب ميدانية للجيش و"الدعم" ترد بمجازر دامية في الفاشر    تطوير التعاون السعودي الأمريكي بقطاع التعدين    "واتساب" تمنع الآخر من تخزين صورك وفيديوهاتك    مها الحملي تتألق في رالي الأردن وتحقق المركز الثاني عالميًا    4 أيام على انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية    59 بلاغًا عن آبار مهجورة في القصيم    السبتي: جودة التعليم أولوية وطنية ومحرك رئيس للازدهار    أكد ضرورة الاهتمام بالمتميزين في المنطقة.. أمير الرياض: مليون ريال دعم سنوي لجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع    الشرطي الشبح    تحت رعاية خادم الحرمين.. أمير منطقة الرياض يكرم الفائزين بجائزة الملك فيصل لعام 2025    الحقيقة التي لا نشاهدها    انعدام الرغبة    لا تخف    القوات الجوية الملكية السعودية تشارك في تمرين "علم الصحراء 10"    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة فيحان بن ربيعان    تعاون مثمر    الذهب يتراجع من أعلى مستوياته التاريخية وسط تزايد الإقبال على المخاطرة    عدنان إبراهيم    طرح الدفعة الثانية من تذاكر الأدوار النهائية لدوري أبطال آسيا للنخبة    محطة أرضية للطائرات المسيرة    اعتماد جمعية رعاية كبار السن بمنطقة جازان    %13 نمو ممارسة السعوديين للألعاب الشعبية    تفوق ChatGPT يغير السباق الرقمي    10 سنوات على تأسيس ملتقى أسبار    5 مكاسب بتبني NFC في الممارسة الصيدلانية    نادي الثقافة والفنون في جازان يحتفي بعيد الفطر في أمسية شعرية من أجمل أماسي الشعر    5 مميزات خفية في Gemini    الدرعية بطلاً لدوري الدرجة الثانية على حساب العلا    رونالدو يتوج بجائزة هدف الجولة 27 في دوري روشن للمحترفين    الفلورايد تزيد التوحد %500    تأثير وضعية النوم على الصحة    دول غربية تعالج التوتر بالطيور والأشجار    ‏برنامج الإفتاء والشباب في مركز تدريب الأمن العام بمنطقة جازان    (16) موهوبة تحول جازان إلى كرنفال استثنائي    جلوي بن عبدالعزيز يعتمد هيكل الإعلام والاتصال المؤسسي بإمارة نجران    «حماس» توافق مبدئيًا على توسيع صفقة الأسرى.. انفراجة محتملة بالمفاوضات    الأمم المتحدة تدين الهجمات على مخيمات النازحين بالسودان    أمير تبوك يزور الشيخ محمد الشعلان وبن حرب والغريض في منازلهم    وزارة البلديات وأمانة الشرقية و وبرنامج الأمم المتحدة يطلعون على مبادرات التطوير والتحول البلدي    وقفات مع الحج والعمرة    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توقع مذكرة مع جامعة الملك خالد    شيخ علكم إلى رحمة الله    إطلاق 2270 كائنا في 33 محمية ومتنزها    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطر حضور الوعي الطائفي لواجهة الصراع
نشر في أنباؤكم يوم 21 - 08 - 2011

د. عبدالله القفاري - الرياض السعودية
أشعر بمزيد من المرارة عند الحديث عن المسألة الطائفية، فمن يرى هذا العالم بمنظار أوسع من طائفة، وأكبر من قبيلة وأرحب من قومية سيجد أن الخوض في هذه المسألة استدعاء او حضوراً في مشهد سياسي هو عملية شاقة ومرهقة، وقد تُقرأ على غير الوجه الذي يريده الكاتب. إلا أن ثمة فارقاً بين أن تصف الاحداث في منطقة تبدو الطائفية كامنة في الوعي الجمعي رغم كل ملامح الاخفاء، ويتم توظيفها سياسيا رغم النفي أو محاولة التلبيس والتدليس، وبين أن تكون من دعاتها او لديك قابلية للسير في ركابها او تتحرك داخلك نوازع طائفية.
انتفاضة الشعب السوري عززت حضور ملامح التحالفات السياسية والاستراتيجية في المنطقة، وبغض النظر عن محاولة توظيف النظام السياسي للمشروع الطائفي في معركته مع المطالب الشعبية المطالبة بالحرية والكرامة، ووضع حد لهيمنة السلطة القمعية وأجهزتها المتغولة، ورفضها لاستمرار هذا الغول الاستبدادي الذي قصم ظهر الشعب عديداً من العقود... وبغض النظر إن كان النظام السوري يتكئ على الطائفة كرصيد لمقاومة الاكثرية...أو يستخدمها في معركته الحاسمة مع الشعب... تجاوزاً لكل هذا، من الواضح أن المناخ الاقليمي السياسي مهيأ لتوظيف المشروع الطائفي في حالة الصراع بين التحالفات الاقليمية، وهنا مكمن الخطر ومصدر القلق.
خطورة استدعاء التحالفات الطائفية أنها ستدمر أي منجز يمكن التعويل عليه فيما سمي بالربيع العربي او انتفاضة الشعوب من اجل حريتها وكرامتها، وستكون هذه الاوطان فريسة سهلة للتفتيت والتقسيم والاحتراب الداخلي، ولذا يجب تفويت الفرصة على دعاة الطائفية من الاستدراج لهذا المستنقع الخطير
هل وقعت الإدارة الامريكية في شر أعمالها في العراق، عندما سلّمت هذا البلد لمجموعات سياسية طائفية استطاعت أن تكرس في العراق البعد الطائفي وتذكي جذوته وهو الموجوع سابقا بنظام البعث الصدامي؟ وكيف يمكن أن يتخذ النظام السياسي الحاكم في العراق موقفا مؤيدا وداعما معنويا وماديا لنظام الاسد في سورية في مواجهة شعبه، على الرغم من تشابه النظامين(الصدامي والاسدي) في التعامل مع شعبيهما، أم أن ثمة مخططاً يهدف فعلا لتعزيز حضور الامتداد الطائفي من إيران إلى لبنان، لتكريس مناطق كبرى للتوتر، تجعل الصراع في هذه المنطقة لايخلو من توظيف هذا الامتداد الطائفي؟!
من يتأمل حلفاء النظام السوري اليوم لن يعجزه أن يراهم على خريطة ممتدة من ايران مرورا بالعراق حتى حزب الله في لبنان. هذا التحالف ناصَب انتفاضة الشعب السوري العداء، ووقف مع النظام، واستخدم إمكاناته وآلته الاعلامية واجهزته في تشويه هذا الحراك الشعبي الكبير.. بل لم يكن امتداد هذه الانتفاضة على مدى شهور ليزيده سوى عناد واصرار على دعم هذا التحالف ضد شعب مقموع مدمى فقط لأنه يطالب بحريته. وهذا لايمكن تفسيره فقط بالسياسي وحده، ولا بالتحالفات الاستراتيجية وحدها، لأن مثل هذا التحالف يتطلب ايضا مشتركات تعزز حضور الشعور الجمعي العاطفي .... مهما كانت محاولات إخفاء هذا البعد او التبرؤ منه، او وضعه في خانة ادعاءات الاعداء الطائفيين.
لقد بدا هذا النزوع الطائفي واضحا أكثر من أي مرحلة مرت بها هذه المنطقة عندما تحركت الاحتجاجات بالبحرين .. فقد تعالى الصخب في ايران وفي العراق وفي لبنان تنديدا بمواجهة تلك الاحتجاجات.. إلا انه عندما أعلنت الحركة الشعبية السلمية في سورية عن مطالبها وحضورها في الشارع، ووجهت بآلة القتل والفتك والاعتقال وعلى مدى خمسة اشهر، وفي مشهد دموي لا نظير له... وجدنا هذا التحالف يتعامى عن كل تلك الحقوق المشروعة للإنسان الذي يتعرض لأبشع عمليات القمع والقتل والحصار والاعتقال.
هذا الموقف كان مأزقاً لهذا التحالف، أما الاستجابة فلم تكن سوى بمستوى التحالف الاستراتيجي مهما بدت التناقضات، إلا ان المهم في الامر انه كشف عما هو أبعد من قصة تحالف ممانعة إلى تحالف سياسي تدعمه روح طائفية.. في مواجهة الاكثرية المقموعة والمحاصرة.
النظام السوري المتحالف اليوم مع ايران وبالتبعية مع النظام العراقي المحكوم بفصائل التشيع السياسي والاحتواء الايراني ومع حزب الله، عزز الشرخ في النسيج العربي واستدعي البعد الطائفي بشكل او بآخر. خسر حزب الله تعاطف قطاع عريض من الشعب العربي عندما انحاز لرعاية نفوذه ووجوده وقوته في لبنان على حساب مظالم تطال الاكثرية، وتسحق كرامتها وتكسر ارادتها. هذا التحالف يثير الشعور الجمعي العاطفي الذي لا يجد اسهل من الاحالة على الطائفي، على الرغم من التحالف السياسي والاستراتيجي هو الواضح والمفهوم في التعاطي مع كثير من الملفات.
وبالمقابل، فهناك ايضا من يذكي حالة الصراع الطائفي عبر استدعاء الطائفية السنية لمواجهة هذا التحالف، وهنا تكمن خطورة الوقوع في فخ السياسة الطائفية، ولن تكون ثمة براءة لهؤلاء ايضا إذا ما ساهمت دعوتهم لمزيد من سكب الزيت على نار الطائفية المتأججة. ويجب ان تعود تلك الجماهير الثائرة لتدرك خطورة الانحياز لهذه الدعوات، فشوقها يجب ان يكون لحريتها لا قتالا او انتصارا في سبيل طائفة، ولا ضمانة لاستعادة حقوق الانسان من براثن الظلم بالوقوع في فخ ظلم جديد. وكم يعلمنا التاريخ ان العدوان والظلم كثيرا ما جاءا من ذات الطائفة تجاه أبنائها أمام مغريات السلطة وحضور الاستبداد.
عندما انطلقت حناجر الشعب السوري الذي ضرب أعظم الامثلة في صموده وتضحياته رغم أنف كل ممانعة لهذا الحراك.. كان يحمل وعيا كافيا لينأى بنفسه عن أية دعوات طائفية، ولم تكن جمعة صالح العلي إلا محاولة لتجسيد البعد الوطني الجامع في مطالب الشعب السوري، ولم تكن ايضا البيانات التي ظهرت في حمص وحماة الا تأكيدا لوعي كامن لدى قادة تلك الانتفاضة لتجاوز المأزق او الشرك الذي يريد النظام وضعها فيه او الانزلاق إليه.
ومهما كانت المحاولات لجر هذا الحراك للمأزق والتفسير الطائفي، فلا يبرر ان يكون التعاطف والدعم والتأييد لانتفاضة الشعب السوري ضد الظلم والطغيان والاستبداد، وحقهم في تقرير مصيرهم عبر استدعاء الطائفي.. بل يجب أن يكون استدعاء جامعاً للشعب السوري بكافة طوائفه وقومياته تحت راية التحرر من الاستبداد عبر استخدام ادوات اخرى لا تضع مشروع الطائفة فوق الامة، ولا ترتمي في شرك نظام يريد ان يحول المعركة الى طائفية بامتياز ليتمكن من حشد عوامل إجهاضها وخنقها للابد.
خطورة استدعاء التحالفات الطائفية انها ستدمر أي منجز يمكن التعويل عليه فيما سمي بالربيع العربي او انتفاضة الشعوب من اجل حريتها وكرامتها، وستكون هذه الاوطان فريسة سهلة للتفتيت والتقسيم والاحتراب الداخلي، ويجب تفويت الفرصة على دعاة الطائفية من الاستدراج لهذا المستنقع الخطير.
أمام نظام بارع في توظيف أوراق البقاء حتى لو تطلب الامر الاستعانة بالطائفي لواجهة الصراع، يجب التمتع بأكبر قدر من الحيطة والحذر. أما أولئك المصابون بعمى البصيرة، ممن لازالوا يرون هذا النظام ممانعا ومستهدفا وضحية مؤامرة دولية كبرى، فلا أمل فيهم ولا رجاء بعد ان تكشفت كل هذه الملامح في اختبار الحرية والكرامة، ووضحت معالم التحالفات.
مشكلتنا ليست فقط مع الوعي الطائفي الكارثي الذي يجعلنا نقاتل من أجل التاريخ لا من اجل حرية الانسان وحقوقه وكرامته ومستقبله، مشكلتنا أيضا مع وعي مشوه مخدوع مازال اسيرا لمعادلة الممانعة والمقاومة التي اصبحت في ذمة التاريخ بعد ان اصبح الانسان العربي الذي ينشد حريته هو المستهدف بمسلسل لا نظير له في القمع والإلغاء والقتل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.