فقدنا في الأسبوع الماضي أحد شبابنا السعوديين، وهو حتى الساعة آخر سعودي زج به متعهدو مقاولات الإرهاب العربي في صراعات ليس له فيها ناقة ولا جمل! كان مطلوباً ضمن قائمة ال (47)، ذهب إلى جبال اليمن، لا يعرف متى ولا أين يكون موعد تفجيره بنفسه! ربما لو عاد لوطنه لعاد إلى الحياة بين أهله وناسه كما عاد غيره، ولو سلم نفسه لسلم وسلم المسلمون من متفجراته! لكنه مثل غيره لم يعد يملك قراره! قيادات الإرهاب وجَّهت بوصلته لا لكي يحيا ويعمر الأرض بالإيمان والسلام، لكنه راح يتعلم منهم كيف يموت.. وفعلاً مات، وما أسهل الموت. أصبح رقماً ضمن أرقام المفجرين الذين أحرقوا بساتين شبابهم لصالح مَنْ! ولنصرة مَنْ؟! ذاك سؤال فات الأوان لسماع الإجابة عنه! لكنها العقول عندما (تبرمج) فمن الصعب إعادتها لسيرتها وفطرتها الأولى. وبحساب وكالة الأنباء اليمنية فإن منفِّذ الهجوم الذي استهدف رتلاً عسكرياً يمنياً، وليس رتلاً عسكرياً صهيونياً، زج به في صراعات بين فرقاء اليمن وطالبي الحكم والسياسة! وأسفر التفجير عن مقتل خمسة جنود وجرح 25 آخرين.. سمى نفسه البتار، وهذه (الكنى) كانت لعبة القيادات، تطلقها على أتباعها لإعطائهم المزيد من النشوة والتبجيل! ولكن النهاية ليس فيها أي تبجيل بل امتهان للجسد والاعتداء عليه بالقتل والتفجير.. ولقد قال تعالى {ولقد كرمنا بني آدم}، فإذا بعض بني آدم يتخلصون من حياتهم بلا ثمن، وتأتي النتائج مخيبة. لكن الذي يهمنا هو شبابنا السعودي الذي يزج به في العراق واليمن في صراعات ليس هو أساساً طرفاً فيها! أين الجهاد؟ ولمصلحة من يدفع بنفسه وجسده شاب في مقتبل العمر ليقدمها قرباناً لإرضاء متعهدي الإرهاب في الدول العربية! تُسلب منهم قبل ذلك أرصدتهم المالية ثم تُسلب منهم حياتهم على مذابح الجهاد الكاذب! في العراق تم استخدام الكثير منهم في التفجيرات، ولقد قبض على الكثيرين، ويقال إن عدد المساجين السعوديين في السجون العراقية يفوق (100) شخص. ولقد قرأت رسالة لم أتحقق من صحتها يناشد فيها المسجونون هناك سرعة التحرك لإطلاق سراحهم؛ فلقد مات خمسة منهم تحت التعذيب! ولن أستغرب أن يُعذّبوا حتى الموت. ولقد كشفت لنا وسائل الإعلام مرات عدة فضائح انتهاكات لحقوق الإنسان وامتهان آدميته في السجون العراقية! ويأتي دور التعليم والأسر والخطباء ووسائل الإعلام في توضيح الصورة لشبابنا؛ لكي لا ينخدعوا فيما يُخطّط له مروِّجو الأفكار المنحرفة والمضللة، فيقعون في نهاية الأمر في قبضة سجان ظالم يسومهم سوء العذاب أو يقدمون حياتهم وأجسادهم لشركات الإرهاب العربية رخيصة. ومع كل اسم ينتهي إلى رقم في سجلات المتوفين ندعو لأهله بالصبر، وأن يجبر الله مصابهم؛ فقد فقدوا ابنهم مرتين! وسيظل مقاولو الإرهاب يتربصون بشبابنا وبسمعة وطننا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.