معالجة القضايا الاجتماعية عبر الأعمال الدرامية أمر جيد ومطلوب، غير أن ذلك يجب أن يتم بأسلوب عقلاني غير منفر أو استفزازي في مجتمعات محافظة تتابع فيها الأسرة بمختلف أعمار أفرادها المسلسلات التلفزيونية خاصة في شهر رمضان الكريم. ومن المؤكد أن الإساءة لأعراف وتقاليد وأخلاقيات المجتمعات لا تندرج ضمن حرية التعبير، ويفترض عدم التورط بها. كذلك فإن بعض المشاهد الفنية قابلة لأن تفهم بأكثر من وجه، ومن يجعلها في فهمه سلبية أو جارحة فإنه يستطيع الطعن من خلالها بالعمل. وما ينطبق على مجتمع قد لا ينطبق على غيره.. ما يعني أن معايير القبول والرفض ليست دقيقة، غير أن الوصول إلى القبول ليس صعباً مهما كان العمل جريئاً. وتبقى الخبرة والمهارة وحسن الاختيار هي التي تميز البعض فتمرّ أعمالهم بيسر، وغياب تلك الأمور أو عدم التمكن منها يجعل أعمالاً أخرى تصطدم بجمهور رافض لها نتيجة مساسها بما لا يحب. الضجة التي أثيرت خلال الأيام القليلة الماضية حول مسلسل "بنات الثانوية" قبل عرضه في رمضان وأدت إلى منعه في أكثر من دولة خليجية تثير التساؤلات، فالمسلسل من إنتاج تلفزيون دبي، وهو جهة رسمية يعرف القائمون عليها المحاذير التي يجب تفاديها لئلا يقعوا في مأزق، لكن المأزق وقع بعد أن أثار نائب كويتي قضية المسلسل وطالب بمنعه لأنه يسيء لأخلاقيات المجتمع الكويتي، وبعده تحولت المسألة إلى الرأي العام. ويبدو أن لجنة قراءة النصوص لم تتنبه لأبعاد بعض المشاهد التي وصل عدد منها إلى الجمهور إما عن طريق إعلانات المسلسل أو بطرق أخرى.. وبحسب الأخبار فإن "بنات الثانوية" منع من العرض في الكويت والإمارات ما يعني أن الجهة المنتجة تكبدت خسارة مادية كبيرة وأخرى معنوية. إلى ذلك، وبما أن المسلسل لم يعرض فقد تكون الضجة أمراً مبالغاً فيه، والعمل عاديا لا يسيء للقيم، فالحالة هنا نسبية تتبع للذائقة والتأويل.. وتبقى الاحتمالات مفتوحة لكن الحقيقة الوحيدة الماثلة هي "المنع".