عبدالله الجميلي - المدينة السعودية قال الضَمِير المُتَكَلّم : قابلته بعد رحلة عمل خارجية ؛ ودار الحديث حولها حيث سألني مَن سَافَر معك فقلت : ( فُلَان ) ؛ فعاجلني بسؤال كهربائي ، يبدو أنه يرافق شفتيه دائماً : ومَا تَوجّهه ؟! فاجأني السؤال ، بحثت عن الإجابة ، فبادرته : إنه مُسْلِم ، فنهرني أعرف : ولكني أقصد: ( هل هو ليبرالي أم عِلمَانِي أم إسلامي ؟! ثم بعد ذلك هل هو إخْواني ، أم سَلَفِي ؟! سروري أم جامِي ؟! ) نظرت في عينيه الجاحظتين ، ولحيته الكثيفة ، وأذنيه المفتوحتين بَحْثَاً عن ردّي ، فَكّرت ، وتذكرت أنّ رفيق سَفري مِن عامة عباد الله المساكين ؛ صلاته كصلاتنا ، أخلاقه رائعة ، تعامله إنساني ، صحبته لا تُمَلّ . قطع تفكيري إصراره على سؤاله ؛ هَاه ، ما توجهه ؟! فقلت له بَعْد عدة تنهيدات وزفرات ، لست أدري لكنه نعم الرفيق والصديق ، ثمّ اعلم أن كل تلك التصنيفات لا تهمني ؛ فيكفيني من الإنسان كَريم تعامله ، وحُسْن خُلُقه !! تركني ، وانصرف مُتَمْتِمَاً بكلمات مبهمة ، يبدو منها أنه أعاد تصنيفي وقَذفِي في قاع ( فِكْرٍ ما ) اختاره وارتضاه لي ؛ فأنا إن لم أكن ( مع ) ؛ فالمؤكد أني ( ضِد )!! وهنا أبحر عقلي الصغير في سماء النظر والتفكير ؛ وتساءل ببراءة لماذا أصبح بعضنا ( رَجُلاً حَليق الذَهِن ) ؛ هَمّه الوحيد تقسيم عباد الله ، وتوزيعهم على التيارات حسب رؤيته وتصنيفه ؟! لماذا أصبح لا حكم على الإنسان من قِوله وفِعْله ، وما يخطه قلمه ؛ وما ينبِض به قَلبه ؛ بل تصدر الأحكام الجازمة عليه من مظهره ، والتيار الذي يُخْتَارُ له ، ثم توزع عليه الاتهامات المعلبة بالتخوين ، وأنه عدو يسعى لتقويض أركان الدين ، وتفتيت عُرى الوطن ؟! تساءل عقلي لو أنّ أحدهم يصلي صباح مساء ، ويصوم كلّ أيامه صيفاً وشتاء ، ويحج كل عامٍ دون عناء ؛ فما الذي يعود من ذلك على الناس ؟! تلك أعمال خيرها له ، وثوابها له ؛ أما الناس فلا يهمهم من ذلك إلا سلوكه معهم ؛ فهم لا يريدون منه إلا حُسْن الخُلق ، يريدون منه الصدق ، يبحثون فيه عن الوفاء ، وعن الأمانة والعدل ، ينشدون منه الابتسامة ؛ فالدّين المعاملة !! ولأني لا أَكْرَه ( أولئك «أعني هُواة التّصنيف « ؛ لأنهم مَرْضَى ؛ فإني أدعو لهم صادقاً بالشفاء ، أو أن يخترع أهل الصين أو اليابان جهازاً يساعدهم في معرفة توجه الإنسان حتى يسهل عليهم تصنيفه دون عناء )!! وأخيراً عزيزي اسأل نفسك ما توجهك ؟! حتى تكون جاهزاً عند سؤالك بإجابتك !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .