«من لا يسمح بتدفق دم جديد في شرايينه وعروقه فإنه ينشف قليلا قليلا ويموت». هاشم صالح لابديل اليوم عن تقدير الخسائر المترتبة على تأخر ضخ الإصلاح في منظومة القيم المجتمعية، وفي عروق القطاع العام، ويجب أن نقر كذلك أننا بحاجة إلى حساب الخسائر المتكبدة من عدم مكافحة الظواهر السالبة في المجتمع التي تزداد عمقا ورسوخا وانتشارا لعدم معالجتها مع ازدياد عدد السكان وبالتالي تكبد خزينة الدولة نفقات طائلة لمعالجة السائد والمألوف من الممارسات، كل تلك الآثار سيدفع الجيل الشاب والأجيال القادمة ضريبتها نتيجة لتراخينا في حلها. إن المجتمع يحن كثيرا لتفكيك بؤر التأخر، ويصعب عليه القيام بذلك الدور ما لم يتم حصر أبرز عوائق التنمية وموانع النهضة، ولعل الحرص على الحصول على نتائج بأقل جهد ممكن أفرز هذه النتائج الكارثية وهو من عزز الكسب غير المشروع والعمل بجهد محدود والميل للترفيه على حساب الإنتاجية والإبداع والابتكار، وعزز الرغبة والحاجة إلى التمييز الطبقي سواء القبلي أو المناطقي أو ضد جنسيات أخرى متواجدة داخل المجتمع وهي بلا شك بحاجة إعادة النظر في وضعها. إن المنعطف الرئيس في تفكيك بؤر التأخر يتمثل في إعداد رؤية وطنية شاملة للانتقال إلى مصاف العالم المتقدم مشمولة بإرادة وإدارة وتحديد واضح للصلاحيات بين أجهزة القطاع العام بناء على المصلحة العامة، وتحديد دور المجتمع في التنمية وسحب الوقت الفائض من المجتمع من خلال توفير مناخات الإصلاح الاجتماعي والمتمثلة بإصلاح طرق التربية وتحرير الإنسان من عقد الخوف من خوض المبادرات والتجارب وتهيئة الجيل الشاب والأجيال القادمة للمهمة التاريخية بتعظيم الفردية ليسهل ضخ ثقافة الإبداع والابتكار في مسارات التنمية بدلا من استمرار النمط الجماعي الذي يجعل الفرد نسخا ممسوخة مكررة لا تستطيع الاستفادة من قدراتها العقلية وتسبب لها الضمور والاضمحلال نتيجة لعدم ممارستها وتطويرها، وفي نفس الوقت يتطلب تفكيك بؤر التأخر أن يتم ضخ ثقافة عمل تحترم الوقت والإنجاز في المجتمع لتنعكس على مسارات التنمية. آن للرواد ومسؤولي القطاع العام والخاص والمجتمع ككل التفكير بجدية في المستقبل، فكل يوم تأخير في تفكيك بؤر التأخر سيعقد مسيرة الإصلاح ولن يسعفنا الوقت مستقبلا في حال استمر المجتمع بذات المسار ذاته والقطاع العام بالأدوات ذاتها، فتعزيز الثقة في قدرات الفرد وتوجيهها للمستقبل سيزيد من سرعة التحول، أفلا يستحق الوطن وأجياله القادمة أن نعمل اليوم من أجلهم؟.