قرأت في صحيفة عكاظ مؤخرا موضوعا بعنوان (تكدس نزلاء السجون) وقطعا العنوان وحده يكفي عن الدخول في تفاصيل الموضوع وسبق أن كتبت ثلاثة مقالات بعنوان (سجن وجلد وضياع مستقبل) المقصود منها أنه جرت العادة على أن الغالبية العظمى من الأحكام التعزيرية تكون سجنا وربما سجن وجلد وما ينتج عن ذلك من ضياع مستقبل المحكوم عليه، في حين أن بعض المخالفات لا تستوجب السجن وخاصة إذا كانت مجرد شجار بدون إصابات أو سوء سلوك أو محادثة امرأة وخلافه، فهذه السلوكيات وإن كانت مرفوضة شرعا، إلا أن هنالك عقوبات بديلة يمكن تطبيقها كالعمل في مؤسسات الخدمة الاجتماعية مجانا لمدة من الزمن أو تقديم خدمات للمجتمع وأمثلة كثيرة الهدف منها الإصلاح، في حين أن عقوبة السجن دمار للمستقبل فتكون النتيجة ضياعا وليس إصلاحا على الرغم من أن المخالفة لا تستوجب أن تكون نتيجتها النهائية ضياع المستقبل. وطالبت بأن تكون تلك العقوبة البديلة إلزامية وفق معايير محددة، وها نحن الآن نواجه مشكلة أخرى للتوسع في تطبيق عقوبة السجن وهي تكدس نزلاء السجون وأنا واثق أن جزءا كبيرا منهم بسبب أحكام تعزيرية كان يمكن لها أن تأتي بعقوبات بديلة عن السجن حفاظا على مستقبل المحكوم عليه إن كانت مخالفته لا تستوجب السجن من المرة الأولى مما ساهم في أزمة تكدس نزلاء السجون خاصة لو علمنا أن المحاكم الجزئية تصدر يوميا أحكاما بالسجن والجلد الأمر الذي يؤدي فعلا إلى تكدس كبير للنزلاء في السجون، فأتمنى فعلا الأخذ بالعقوبات البديلة في المخالفات التي تستوجب عقوبة تعزيرية خاصة وأن عقوبة التعزير ليست قاصرة على السجن فقط. * المحامي والمستشار القانوني