يبدو أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت وربما الصراعات العلنية، حول من يحق له دخول الجمعية العمومية في الأندية الأدبية التي ما زالت تستقبل طلبات العضوية، وتلك التي بدأت في فحص ملفات المتقدمين، وقد يكون محور الجدل هو التناقض الواضح بين بعض مواد اللائحة الجديدة وبين رؤية مجالس إدارات الأندية التي أُعطيت صلاحية استثناء من ترى أنه يحق له دخول الجمعية العمومية من شرطي المؤهل العلمي - الذي يحدد مستواه مجلس الإدارة والإنتاج الأدبي، فمن المؤكد أن المعايير ستكون مختلفة، وبالتالي ستكون الأندية مسرحا للاتهامات المتبادلة وصراع التيارات الذي لم يسلم منه مكان علمي ولا اجتماعي ولا ثقافي ولا اقتصادي في بلادنا! المقلق هنا أن كل فعل اجتماعي أو ثقافي في وطننا يتحول فجأة إلى حلبة مصارعة و"فرد عضلات" بين تيار تقليدي (شديد المحافظة) يتوجس من كل شيء، وآخر يتبنى رؤى حديثة تحتمل النقاش والتوفيق حولها بما يتفق مع القيم العليا للمجتمع. فمن يراقب ما يحدث من تكتلات و"احتسابات" ضد أو مع أي مشروع أو فعالية أو مشاركة شعبية في صنع القرار كالانتخابات مثلا، ثم يقرأ أو يسمع ما يتلو ذلك من عبارات تشي ب"انتصار" هذا التيار أو ذاك، يصل إلى يقين أن كل مناحي حياتنا تحولت إلى لعبة صراع وهمي، يتلذذ بنتائجها "زعماء" ومنظرو التيار الذي يعتقد أنه هو "المنتصر"! وفي الوقت نفسه يذهب ضحيتها عامة الناس وخاصتهم الذين كان من المفترض أن يخدمهم هذا الفعل الشعبي أو الثقافي، لكنه بعد أن أصبح رهينة لمدمني الصراع مع "الآخر" لم يعد ذا جدوى حقيقية. وما يحصل حاليا في الجمعيات العمومية للأندية الأدبية أكبر دليل على ذلك، حيث يُزج عنوة بمن ليس لهم أي دور ثقافي سوى أنهم محسوبون على أحد التيارات أو تلامذة في مدرسة "الزعيم" والمنظر، بل والأخطر أن هناك من يدفع رسوم العضوية لهؤلاء، فلا يبقى لهم أي مهمة سوى تسجيل البيانات، ثم انتظار موعد الانتخاب لاختيار ممثل "التيار" والخروج من أقرب باب دون عودة! وفي تقديري الشخصي أن كل ذلك لأجل أن يحتفل "المنتصرون" بعد ظهور نتائج مجلس الإدارة ب" النصر" المؤزر على "أفراد" من الفريق الآخر ويفردون أمامهم "العضلات"، دون اعتبار لمصير هذه المؤسسات الثقافية التي أتوقع أن تتحول في ظل هذا الوضع إلى مجرد" كتاتيب" تمضغ أوراق الماضي.