الديمقراطية أحد أساليب الحكم التي يرى ممن يطبقونها بأنها كفيلة بأن تحقق حكماً رشيداً وعادلاً يتناوب السلطة فيه المواطنون إن تم التطبيق الصحيح للديمقراطية. ومع أن البعض يختزل الديمقراطية في إجراء الانتخابات وحكم صناديق الاقتراع، إلا أن بعضاً آخر يرى أهمية وجود مبنى للبرلمان حتى لو تبادل فيه النواب النقاش إلى حد الصراخ الذي قد يصل إلى تبادل اللكم والضرب بالعُقل كما حصل في كثير من المجالس البرلمانية في أوروبا وآسيا وحتى الدول العربية. بعض الأنظمة وجدت في تطبيق بعض أو جزء من وسائل الديمقراطية الحق في أن يصنف البلد الذي تحكمه بأنه ممن (يطبق الديمقراطية) حتى وإن جرت الانتخابات بطريقة مزورة، ودخل البرلمان أشخاص غير مؤهلين وغير كفئين ولا ميزة لهم سوى أنهم موالين للنظام وأنهم من أعضاء الحزب، أو أنهم -في الآونة الأخيرة- من أبناء الطائفة المذهبية للنظام!! الكثير من الأنظمة استثمر الفهم الذي لا يزال يعتقده الكثيرون من أن الديمقراطية انتخابات وبرلمان، وعدا ذلك مكملات بأن أجادوا لعبة ترتيب الانتخابات بحيث يتحكمون فيما يريدون أن يوصلوه إلى مبنى البرلمان، ليس فقط مؤيدوهم وأنصارهم، بل إن كثيراً من الأنظمة ترتب وتهيء وصول رموز من المعارضة وحتى من المشاغبين السياسيين إلى المبنى، لأن وصولهم إلى البرلمان سيجعل معارضتهم محصورة في قاعة البرلمان، حيث يتاح لهم الصراخ والاعتراض، وحتى تبادل الضرب إن شاؤوا، وبما أنهم لا يمثلون إلا أقلية من مجموع أعضاء البرلمان، فإن نشاطهم يظل محصوراً في المناقشات التي لا طائل منها، وفي صراخ مستمر، في حين يمرر النظام ما يريده من قوانين وأنظمة في ظل نظام ديمقراطي يحظى بتقدير حماة الديمقراطية الذين لا يترددون في تسيير الجيوش لفرضها!!.. ديمقراطية الصراخ (والهوشات) المتواصلة والضرب بالعقل!!