كلما شاهدت صور الأبرياء المدنيين وهم يقتلون ويسحلون في الشوارع بدم بارد على أيدي جلاوزة النظام السوري كلما أيقنت أن يوم الطغاة بات وشيكا , فالظلم مرتعه وخيم أليم , ويد الغدر مهما أوغلت في دماء الشعب فإنها مقطوعة مبتورة شلاء . لغة القتل ومنهج العنف والترهيب ورفع العصا الغليظة كلها أدوات بالية مقيتة لن تزيد نيران الغضب إلا اشتعالا في الصدور ولن تعيد مارد الحرية إلى قمقمه الذي خرج منه . الشعب السوري خرج في معظم المدن السورية ليعلن رفضه لسياسات قمعية نالت من كرامة المواطن وامتهنت أبسط حقوقه الإنسانية فانتفض بعد أن بلغ السيل الزبى وطفح الكيل ونفد صبر الصابرين , انتفضوا بصدور عارية يرفعون أغصان الزيتون فتقابلهم آلة القتل الأمنية التي استأسدت على شعبها فقط بينما تمارس سياسات ضبط النفس مع العدو الصهيوني الغاصب؟!! أسد علي وفي الحروب نعامة.......... ربداء تجفل من صفير الصافر الأشد والأنكى تلك الروايات الرسمية الممجوجة والتي صارت مثار سخرية وتندر العالم بأسره عن وجود المندسين وأصحاب الأجندات الخارجية الذين استباحوا الأراضي السورية بقدرة قادر وأمتلكوا الأسلحة بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية العتيدة التي عجزت عن ملاحقتهم والقبض عليهم في بلد يعرف القاصي والداني أنه بلد بوليسي بامتياز تتحكم فيه فروع المخابرات بكل مفاصل الدولة ولها اليد الطولى والأولى سياسيا واقتصاديا وأمنيا !! إنها الكوميديا السوداء التي يكتب فصولها الهزلية من يتحكم في صنع القرار السياسي في سورية ويقوم بأداء مشاهدها المخزية الإعلام الرسمي السوري عبر قنواته التلفازية وصحفه وأبواقه الإعلامية التي تعزف ذات الأسطوانة العتيقة عن وجود الفتنة والأصابع والأيدي وبقية الأعضاء التي تعبث بأمن دولة الممانعة والصمود والتصدي ؟!! ماعاد أحد يصدق ما تبثونه من أكاذيب وأقاويل تدحضها الوقائع على الأرض وتفضحها الصورة التي لاتكذب ولا تحابي , فمشاهد العنف والدماء والقتل من قبل الأجهزة الأمنية المدججة بالعتاد والسلاح ينبئ عن حقيقة صارخة ومؤلمة أن دولة تقتل شعبها وتستأسد عليه !! الدولة والأمن إنما وجدت للحفاظ على سلامة المواطن ورعاية مصالحه والسهر على راحته وتوفير كافة مستلزماته المعاشية والآدمية لا قتله والتنكيل به بعد موته وسحله في الميادين العامة وركله في منظر دام تتأبى عن فعله دولة الكيان الصهيوني مع ألد أعدائها !! المواطن البسيط يدرك تماما من يسفك الدماء ويعبث بأرواح الناس ويعرف أن نهج النظام في قمع كل صوت حر هو المعتاد والمألوف من مسيرة الأب القائد إلى الابن المحبوب , ويدرك تماما أن من يطلق النار على العزل من المتظاهرين إنما هم الأجهزة الأمنية والشبيحة من عصابات النظام المسلحة التي صنعت على أعين أقرباء الرئيس وعائلته التي عاثت خرابا في البلاد والعباد !! فبالله عليكم يا إعلامنا السوري المتهالك كفوا عن سرد الروايات السخيفة والتزموا الصمت إن كان بمقدوركم ذلك وجنبوا أنفسكم مواضع السخرية واللمزمن قبل العالم المتحضر الذي يرقب عن كثب ما يجري في سورية هذه الأيام .. الشعب السوري ما خرج إلا ليطالب بحقوقه المسلوبة منه من نحو نصف قرن من الزمان فهل يكون جزاؤه القتل والتعذيب والاعتقال ورميه بالعمالة والخيانة والارتهان لأجندات وأهداف خارجية ؟؟!! كل من يعارض النظام البائس في سورية فهو عدو لدود وجب إسكاته والكل ينبغي أن يبارك سيد الوطن ومسيرته الإصلاحية المظفرة التي ما لمس المواطن العادي منها سوى المزيد من إفقاره وإذلاله والنيل من كرامته وآدميته .. يلزمك حتى تكون مواطنا صالحا في عرف النظام السوري أن تؤكد على أن الأمور بخير – حتى وإن لم تكن كذلك – وأن تعلن دائما أنك مبسوط – حتى وإن كنت تتلوى فقرا وحاجة – وأن تعلن انحيازك الدائم إلى سياسات قائد الوطن الحكيمة – حتى وإن جلد ظهرك وأخذ مالك – وأن تمارس دور المواطن الصالح في الخروج بالمسيرات المليونية المؤيدة لسيد الوطن وباني نهضته ورائد التطوير والتحديث فيه – حتى وأن كنت تلمس التردي المعاشي وسياسات الإفقار المتعمدة وإنعدام الحد الأدنى لحرية المواطن – وعليك قبل ذلك وبعده أن ترى بعين الدولة وتسمع بأذنها وأن تستخدم حواسك كلها – إن بقي لديك إحساس- في الدفاع عن النظام ضد الحملات المغرضة والاستهدافات الخارجية التي تنال من مواقف النظام القومية والممانعة , وإياك ثم إياك أن تختلي بنفسك في لحظة صدق لتسأل نفسك التي بين جنبيك لماذا لم يدفع النظام الممانع بترسانته العسكرية إلى أراضي الجولان المحتلة لاستعادتها من بني صهيون ؟؟ ولماذا لم ترد على الغارات المتكررة التي شنتها الطائرات الحربية الإسرائلية في العمق السورية واستهدفت إحداها موقعا استراتيجيا هاما ؟؟ ولماذا تلهث القيادات السورية عبر وسطاء وأصدقاء وبطرق مباشرة وغير مباشرة للتفاوض مع العدوالصهيوني الغاصب ؟؟ لاتتعب نفسك ياصاح فعلامات الاستفهام أكثر من أن تحصى والإجابات عنها نتركها ليوم قريب حين يعود الحق إلى أصحابه وتغدو سورية حرة طليقة عزيزة يحكمها أبناؤها الخيرون الشرفاء .. * كاتب صحفي سوري