الخميس, 14 أبريل 2011 جهاد الخازن - الحياة اللندينة السياسة المصرية في مخاض عسير، والعادة أن نقول وقد قرب الوضع «انشاالله صبي»، غير ان الديموقراطية الجديدة في أرض الكنانة تفترض، لتستحق اسمها، ألا تفرِّق بين ذكر وأنثى، لذلك أرجو فقط أن يكون الوليد الديموقراطي في صحة جيدة لنتعافى جميعاً معه. سأتجاوز الأحزاب المعروفة اليوم، فالحزب الوطني في النزع الأخير، والقارئ لا بد يعرف عن أحزاب الوفد والغد والعربي الناصري والتجمع والجبهة الديموقراطية، فأنتقل الى الجديد على الساحة المصرية السياسية، وتحديداً حزب «المصريون الأحرار» وحزب «الحرية والعدالة». رجل الأعمال المعروف نجيب ساويروس يقف وراء الحزب الأول، وهو قال مرة بعد مرة إنه يريد حزباً للشباب ولجميع المصريين، لا للمسيحيين فقط، لذلك فهو أعلن أنه لن يرشح نفسه لرئاسة الحزب، وترك لحلفاء من أبرز الشخصيات المصرية ليقدموا طلب التأسيس، وبينهم الكاتب محمد سلماوي والشاعر محمد نجم (شاعر الثورة قبل أن تقوم) والأديب جمال الغيطاني، وأيضاً أحمد إسحق وخالد قنديل. وجدت أخانا نجيب ساويروس موجوداً بكثرة في أخبار الصحف، فهو قسم شركته أوراسكوم الى شركتين، واشترى من أسهمها بعد استئناف التداول في البورصة، ربما لحمايتها وتنشيط السوق. وكانت له تصريحات جدلية، فهو أعلن معارضته أن يتولى مسيحي الرئاسة لطمأنة الإخوان المسلمين ومسلمي مصر عموماً، وأثار غضب الأقباط عندما اشترط على كل قبطي يريد الانضمام الى حزب «المصريون الأحرار» أن يأتي معه بمسلمين اثنين. وفي حين أنه عارض شعار «الإسلام هو الحل» لعدم التمييز بين فئات المجتمع، فإنه قال إنه لا يعارض تولّي واحد من الإخوان الرئاسة، ويفضل الموت على أن يعادي الإسلام. وجدت في مصر جهداً كبيراً من مختلف أطياف المجتمع لتجنب أي مواجهة دينية أو حساسية تؤذي الوحدة الوطنية، غير أن تركيز الجميع على تلافي أزمة محتملة يعني وجودها، ولعل الإخوان المسلمين يقودون جهود التهدئة، فهم أقدر من غيرهم مع أنني وجدتهم منهمكين أيضاً في مواجهة أخرى مع السلفيين الذين اتهموا بهدم أضرحة والاعتداء على مواطن قبطي. قلت مهاذراً للأخ منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية، إنني أعتقد بأن الإخوان المسلمين اخترعوا الجماعة السلفية لتخويف الناس وليبدو الإخوان معتدلين بالمقارنة، وهو ابتسم وأكد لي أن السلفيين موجودون منذ سنوات، إلا أنهم لم يبرزوا حتى نجحت الثورة، فمن الفكر السلفي تحريم القيام على الحاكم إلا إذا كفر، وحسني مبارك اتهم بأمور كثيرة إلا أن الكفر لم يكن أحدها، وقد شكا لي بعض شباب الثورة من أن السلفيين هاجموهم وهم يواجهون نظام مبارك ثم ادعوا أنهم كانوا من الثورة بعد أن نجحت فقط. لا أجزم بمدى حجم السلفيين وتأثيرهم في الفترة القصيرة المدى المقبلة، وأرجح أن يبقى الإخوان المسلمون أكبر قوة سياسية في البلد لخبرتهم القديمة وقدراتهم. وهم لو كانوا 20 في المئة فقط من المصريين، وأراهم أكثر، فهم قادرون على جعل العشرين في المئة كلهم يشاركون في الانتخابات، في حين أن الأحزاب السياسية الأخرى مجتمعة لا تستطيع أن تدفع بأكثر من 20 في المئة الى التصويت، فيبدو حجم الإخوان أضخم كثيراً من نسبة تأييدهم بين المصريين عموماً. قرأت كثيراً عن برنامج حزب «الحرية والعدالة» (الاسم يذكرنا بحزب رجب طيب أردوغان «العدالة والتنمية» وأتمنى أن يكون الحزب المصري مثل التركي تنوراً وذكاء). ولم أر شيئاً لم أتوقعه، فالتسريبات عن برنامج الحزب الجديد امتدحت دور الشباب في إطاحة النظام السابق، ودور الجيش في تأمين انتقال سلمي للسلطة، وتحدث عن بناء إنسان صالح روحياً وإيمانياً وعلمياً وثقافياً وأخلاقياً، مع تركيز على قيم الحق والمواطنة والتعددية واحترام حقوق الآخرين. أعتقد أن الكلمات الأخيرة هي أهم ما في الموضوع وما أتمنى أن يمارس الإخوان المسلمون، فتُحتَرم الحرية الشخصية لكل مواطن. أعتقد أن قيادة الإخوان واعية تماماً وتريد طمأنة جميع المصريين، والقيادي في الجماعة كمال الهلباوي الذي عاد الى مصر بعد 22 سنة من النفي الاختياري في الخارج قال إنه لا يمانع أن يتولى مسيحي الرئاسة وسيصوت لجورج إسحق، من «كفاية»، لو رشح نفسه. هذا كلام جميل مطمئن، ويتجاوز ما نسب الى حزب «الحرية والعدالة» من أنه لا يعارض ترشيح أي مصري للرئاسة، إلا أنه لن يرشح امرأة أو قبطياً. ولا أعتقد أن مصرياً واحداً يتوقع مثل هذا الترشيح.