لا أعلم التعريف الدقيق للنحيس ولكنه يختلف قليلا عن الحسود، فالحسود يضمر نية شريرة بينما النحيس يخرب الشيء الجيد لمجرد التخريب وهو يظن أنه يصلح الأمر !، وفي الدوائر والوزارات يمكن أن تعرف النحيس من نظرة عينيه ومن طريقة استلامه للأوراق، شيء ما في داخلك يقول لك إن هذا الرجل نحيس بكل ما تعنيه الكلمة من معنى !. خلال الأيام الماضية مثلا أنشغل الناس بالتخطيط لكيفية صرفهم للراتبين اللذين أمر بهما خادم الحرمين الشريفين للموظفين والعسكريين والمبتعثين والمتقاعدين، كان كل واحد من هؤلاء يجمع ويطرح ويضرب مجموع الراتبين في رأسه كي يتعرف على أوجه صرفهما قبل أن يستلمهما وقد نسي تماما أنه في كل إدارة يوجد رجل نحيس سوف يقلب حسبته رأسا على عقب فيخصم ويخصم وهو يشعر بلذة كبيرة حين ينكد فرحة الآخرين، وإذا سأله الناس باستغراب: (ليه كذا يا أبو الشباب ؟) يجيب عليهم بصوت يشبه نقيق الضفادع: (الأنظمة .. اللائحة .. التعليمات) !. وبما أنني مواطن لم يستلم راتبين لم تكن لدي أي مخططات طارئة خلال الويك !، كل شيء بالنسبة لي مثل أي شهر لا زيادة ولا نقصان، ولكنني أنشغلت حقا برسائل المواطنين الذين استلموا الراتبين لأن النحاسة والحسومات كانت (شغالة) على أعلى مستوى !. إحدى الرسائل كانت مذيلة باسم (موظف سعودي غلبان) كان الرجل مقهورا للغاية بسبب عدم صرف بدل غلاء المعيشة ضمن الراتبين وهو يؤكد أنه سأل (الشباب في المالية) فقالوا له إنها نزلت في المسيرات ثم تم حذفها في آخر لحظة لذلك يقول: (الحكاية تفرق حتى لو كانت بعيونهم ما تفرق، بحسبة بسيطة البدل 30 بالميه، راتب الواحد 4300 البدل يصير 645 يعني بالراتبين الفرق 1290 ريالا، والله العظيم تفرق معنا، لكن إلى الله المشتكى، وما أقول إلا الله يطول بعمر أبو متعب، ونشوف يوم في اللي يحاول ينكد علينا فرحتنا). كما أكتشفت من خلال رسالة أحد المبتعثين واسمه (أبو فهد) أن النحاسة السعودية المتأصلة في أعماق أعماقنا يمكن أن تصلك حتى وأنت في أقاصي الأرض، حيث تم خصم مكافأة المرافقين من راتبي المبتعثين المتزوجين فاستلم الواحد راتبي مبتعث أعزب رغم تأكيد وزارة التعليم العالي أن زيادة الراتبين تشمل مكافأة المرافقين.. ولكن ثمة نحيسا ما في إدارة ما أو في ملحقية ما مارس هواية البحث عن حسومات !. عموما إذا أردتم المزيد عن أخبار وطرائف النحاسة فإنني استطيع أن أؤلف كتابا جاحظيا اسميه (النحساء).. وكل راتبين وأنتم بخير !.