خالد السليمان - عكاظ السعودية إذا كان بعض رجال الأعمال يعتبرون اجتماعهم بوزيري العمل والتجارة الذي نوقشت فيه وسائل تحقيق «السعودة» مضيعة للوقت، فإن مضيعة الوقت الحقيقية هي محاولة استعطاف القطاع الخاص منح أبناء البلد فرصة العمل في بلدهم!! لقد أنفقت الدولة المليارات على مشاريع وخطط التعليم العام وبذلت الغالي والرخيص للارتقاء بمستوى الجامعات وفتحت الباب على مصراعيه لابتعاث أبناء الوطن للدراسة في أرقى الجامعات العالمية وتأهيلهم بالمؤهلات العلمية اللازمة ليكونوا في خدمة مسيرة نماء وطنهم في جميع المواقع ومختلف التخصصات، فليس أقل من أن تكون لأبناء البلد الأولوية في الحصول على فرص العمل التي يملكون كل التأهيل لشغلها!! أما أرباب القطاع الخاص الذين يظنون أن علاقتهم بالوطن هي علاقة باتجاه واحد هو الأخذ دون العطاء فعليهم أن يعيدوا حساباتهم جيدا ليدركوا أن هناك مسؤوليات تقع على عاتقهم تجاه المجتمع الذي تصب غلته في خزائهم دون أن يشاركهم فيه أحد قرشا واحدا!! أما إذا كان هذا القطاع عاجزا عن مثل هذا الإدراك بنفسه فربما حان الوقت كي يوقظهم أحد من سبات الأحلام الوردية العميق الذي أدخلهم فيه دلال الممارسة التجارية والاستثمارية المتحرر من أي قيود أو التزامات ضريبية كباقي دول العالم، باتخاذ إجراءات جريئة وحازمة كإغلاق صنبور التأشيرات نهائيا إلا ما تعلق بتخصصات مهنية غير متوفرة، لقد حان الوقت لخلق واقع لا يجد فيه القطاع الخاص السعودي غير ابن الوطن السعودي المؤهل ليشغل وظائفه!! عندما أراد وزير العمل الراحل الدكتور غازي القصيبي (رحمه الله) خلق هذا الواقع وهدد رجال الأعمال بالخروج باستثماراتهم إلى الخارج تمردا على خطط السعودة، وقال مقولته الشهيرة بأنه سيكون أول من يودعهم في المطار، كنت أول من انتقده ظنا مني بأن لدينا قطاعا خاصا واعيا يمكن أن يدرك بوسائل راقية واجباته تجاه الوطن مقابل امتيازات القروض والأراضي والتكلفة الرمزية لرسوم الخدمات والحماية الجمركية والإعفاءات الضريبية، لكنني اليوم أعتذر له في قبره، وأقول إنني مستعد لوداعهم بالنيابة عنه، ولكن بعد أن يسددوا للمجتمع الذي كون ثرواتهم وشكل الوعاء الداعم لاستثماراتهم نصيبه من هذه الثروات وحصته من هذه الاستثمارات!!.