يشتاط صاحبنا غضباً وهو يهاتفني متذمراً أن مسؤولي وزارة الزراعة يسوِّفون لست سنوات استحقاقه الصادر من ذات الوزارة أو إليها بتخصيصه أرضاً زراعية بمساحة 135 دونماً (ما يوازي 135 ألف متر مربع). والقصة برمتها من المضحك المبكي في آن لأن صاحبنا في طريقه لمنحة زراعية قد تستوعب مئتي قطعة أرض سكنية وهو يشتكي من تسويف بضع سنين دون أن ينظر أو ينظر حتى مسؤول الزراعة أن آلاف المواطنين ولدوا وهرموا ثم ماتوا ولم يحصلوا حتى على (نصف ألف) مربع، أن عشرات الآلاف الأخرى تنتظر عقوداً طويلة في طوابير أراضي الدخل المحدود وتكتفي من الفرحة بوجود أسمائها في دفاتر البلديات على طريقة عادل إمام: اسمي مكتوب!؟ وصاحبنا لا يطلب استحقاقه على أطراف الربع الخالي ولا في (براري الحمَّى) في الخبت التهائمي النائم بل على أطراف النطاق العمراني لهذه المنطقة الحضرية. وبكل البراهين فإن هذه الاستحقاقات التي تذهب للنافذين أو – لوبي – المعاريض لا تستهدف زراعة السفرجل أو نشر ثقافة الورود أو حتى استزراع الربيان أو الفجل. نحن كلنا نعرف (التحويلة) الجاهزة في تحويل الأرض الزراعية إلى مخطط سكني وصاحبنا لا يشتكي من مماطلة استحقاق زراعي بقدر ما يشتكي من تأجيل الدورة التالية حين تتحول الأرض إلى تمتير وتبتير. والقصة برمتها أحيلها إلى صاحب المعالي رئيس هيئة مكافحة الفساد وله أقول إننا جميعاً شركاء في هذه الأرض ولنا نفس الحقوق مثلما نشترك سواسية في أداء ما علينا من الواجبات. ومثل هذه القصة المضحكة المبكية ستجير لنافذ واحد أو حامل معروض، من الأرض في ورقة واحدة، عشرة أضعاف ما ورثه أحفاد جدي – السابع – المدون اسمه بأعلى المقال ولصاحب المعالي أن يعلم أن مدينتي تبحث لا عن مخطط لذوي الدخل المحدود بل عن مساحة من هذه الأرض لتكون مقبرة جديدة بعد أن ضاقت المقابر. أصبح القلق المشروع للبعض: أين ستدفنون رفاتي وهل ستجدون لها متراً مربعاً بينما العشرات، والمئات والآلاف من الأقوياء النافذين يتذمرون من تأخير بضعة أشهر لامتلاك آلاف الأمتار المربعة المكعبة. نحن يا صاحب معالي مكافحة الفساد لسنا أُجراء عند كوادر – الإقطاع – بل شركاء نبحث عن أصغر قطعة. أحياناً عن مساحة قبر.