الاحتشاد الجماهيري في مواسم القراءة والاحتفال بسوق الكتاب والثقافة هو بكل تأكيد احد المؤشرات المهمة لتقدم وعي أي شعب وتطور لغته وادراكه ادوات وقيم المعارف .. قد يكون هناك تفصيل في نسبة التنوع والاستزادة المتوازنة في فنون المعارف لكن تبقى قضية القراءة والتقدم لميدانها ذراعا جميلة لتوسع مدارك المجتمع الوطني وخاصة الشبابي منه . زيارتي لمعرض الكتاب الدولي بالرياض هذا العام الذي نظم في مارس الجاري 2011 كان محدود الوقت لكن كان متميزا حيث لم اجد فرصة كافية للوقوف امام الدور وتقليب النفائس الجديدة والقديمة من ثمرات المطابع لان الوقت توزع بتوقيع - كتابي «مرافعات في الاصلاح الوطني» الصادر عن شركائنا في دار الكفاح للنشر والاستجابة لدعوة الأخ العزيز الكاتب المثقف أ مشاري العفالق مدير النشر وساعده صديقنا ابن الشقيقة الكبرى مصر محمد انور , اما الزيارة الثانية فقررت ان اكون مستشارا ثقافيا لصغيري فاطمة وسعود واخصص كامل الوقت في تلك الزحمة الرائعة الممتعة في جناح الاطفال خاصة حين تكون مرافقا وسط طوابير الاطفال – اللي اتهبل.. بتعبيرنا المحلي – من اطفال مدارس الرياض وتنظر لهم مع اطفالك وهم يختطون درب المعرفة من نواعم اظفارهم .. تحول معرض الكتاب في الرياض الى صدارة الاهتمام من دور النشر العربية وتقدمه على معارض عديدة وهو من حيث دلالته على تقدم حركة الثقافة في المملكة وخاصة جيل الشباب يؤكد هذا الوعي التقدمي المتزايد يا رب ترعاهم جميعا وابناءنا ليكونوا نواة المستقبل المشرق بالمعرفة والوعي ومعنى حرية الانسان وكرامته التي تصنع الوطن المتحضر بعروبته وحضارته الاسلامية . كان المشهد لمبنى المعرض الدائم الجديد الذي نُظّم في معرض الكتاب للعام الثاني مذهلا في اقبالنا عليه خاصة حين افتتاح الطريق للدخول من خلال المنحدر الجميل الذي يُنظم دخول الزائرين، فمنظر ذلك الحشد الصاعد الى المدخل او الخارج منه نساءً ورجالاً شباباً وشابات وأطفالا من فلذات قلوبنا يعطيك متعة النظر وزهو النفس الايجابي لهذا العرس الثقافي واحسب ان الإعداد كان جميلاً ومرتباً ومنظماً في التنظيم التقني والإداري ووجود مرافق نظيفة جُعلت في المسار العام منها مطعم ومقاهٍ عزلت عن قاعة الاجنحة لكن في موقع مناسب جداً للمدخل والمخرج الموحد وكذلك فريق التنظيم المروري الرائع وهي دلائل نجاح تستحق الاشادة والتهنئة . كان هناك تمنٍ ولا يزال ان نكون على ثقة كبيرة بقدرات ادارتنا للبرنامج الثقافي المتنوع والممثل للأطياف وللأطروحات الذي يعقد في كل الدنيا على هامش او لنقل في متن معرض الكتاب لكون الطرح الثقافي للندوات والمحاضرات جزءا رئيسا من تشكل الحاضرة الثقافية للوطن ولجيل الوعي الجديد والمهم في تشكل حركة الربط بين الدولة والحركة الثقافية وتيارها الشبابي لذا كنا نرغب في ان تستمر الندوات في مسارها الأصلي ولا تؤجل او تعدل لكن لانزال نؤكد على امكانية عقد هذه الندوات كلغة ثقافية وطنية راقية احسب ان معالي د عبدالعزيز خوجة كمثقف مهني قدير وكمسئول يشاركنا الرؤية بل يتقدم فيها لتكون طاولتنا الثقافية وحوارنا الفكري الحر بديلا حضاريا حيويا عن أي مساحة شطط توسع مأزق العلاقة الفكرية وشراكة المثقف في صناعة الوعي , ونحن في الانتظار المتفائل . القضية الاخرى الجديرة بالتسجيل هي تحول معرض الكتاب في الرياض الى صدارة الاهتمام من دور النشر العربية وتقدمه على معارض عديدة وهو من حيث دلالته على تقدم حركة الثقافة في المملكة وخاصة جيل الشباب تؤكد هذا الوعي التقدمي المتزايد , ولكنني لاحظت مع الاسف ارتفاعا كبيرا في الاسعار وغياب أي مشاركة لتقنينه من ادارة المعرض كون المعرض شريكا في تنظيم الاسعار وان من شروطه الموضوعية ان يكون مخفضاً , ولقد سجّل بعض الاصدقاء أسعار بعض الكتب بيعت في المعرض اكثر من سعرها في المكتبات في السوق العام . هناك نجاح متجدد للقناة الثقافية في التغطية في نشاط ابنائنا المراسلين في المعرض او لقاءاتهم النوعية او كل ذلك الحراك الشامل الذي يجعل المشاهد العربي وليس ابناء الوطن فقط في خضم هذا العرس الثقافي , لكن هذا النجاح لا يزال يعاني تهميشا اقليميا وللتنوع خارج اطار العلاقات الشخصية يحتاج الى تجاوز وايضا الى فسح ديمقراطية الحوار الثقافي ليكون بالفعل مسارا داعما للخطاب الذي يقود الوعي الوطني الى تعزيز الوحدة والحقوق الوطنية والوعي الثقافي التقدمي.