الصديق طارق حسني محمد حسين، أحد القراء المعتمدين لهذه الزاوية استغرب الاستخفاف «بعصعص» الدجاجة أو مؤخرتها، وقدم لنا معلومة تقول إن الحجاج الإندونيسيين في مكةالمكرمة يحرصون على شرائها من المطاعم «بخمسين ريالاً للكيلو الواحد»! ثم تقلى على الصاج بحسب طريقة الطبخ الآسيوية، ويصف طعم الطبق أو المأدبة «بآخر حلاوة»، والتعليق جاء على مقال تناول ما نشر عن حكم قاض على سارق مؤخرة دجاجة، وبعد ثبوت عدم صحة الخبر وأن لا قضية هناك من الأساس، حيث نفى رئيس المحكمة الجزائية بجدة الشيخ إبراهيم السلامة صحة الخبر، مؤكداً أنه لا توجد قضية من هذا النوع عرضت على المحكمة أو حقق فيها من هيئة التحقيق والادعاء. ثم أعلنت صحيفة «المدينة» التي نشرت الخبر إيقاف محررها لعدم صحة ما جاء به، أمام هذا الكشف يحق للقضاة والمحكمة الجزائية في جدة العتب على الصحيفة وعلينا، وهم لا شك يستحقون الاعتذار عن النشر والنقل، إلا أن هذا يجب ألا يقلل من أهمية ذكر نقاط عدة، أولها أن مسؤولية النشر تقع على إدارة تحرير صحيفة «المدينة» قبل المحرر، فهي صحيفة لها تاريخها، والمحرر إذا أتى بخبر يخضع لمراحل فحص قبل النشر هذا من بديهيات المهنة، لذلك فإن النقل منها أمر طبيعي، الأصل في ما تنشره الصحف «المعروفة»، الصحة إلى حين ثبوت غير ذلك، الثاني أن هناك تأخراً من قبل الجهة المعنية في وزارة العدل للتصحيح والإيضاح، وبين سرعة وتيرة العمل الصحفي وبطء استجابة أو متابعة إدارات حكومية يكمن جزء من المشكلة. الثالث أن من الواجب الاستفادة، لمعرفة أسباب تصديق الخبر رغم غرابته - ولجانب الطرافة دور في ذلك - نتج هذا بسبب صورة ذهنية عن القضاء والقضاة يجب معالجتها، وهي صورة لها أساس تراكمي متنوع، من تأخر القضايا وأحكام سابقة كان للإعلام والمجتمع رأي فيها، إلى أسلوب تعامل بعض القضاة مع الخصوم، في علاج هذا إصحاح وتغيير للصورة إلى الإيجابية، فيه تعزيز لهيبة القضاء وقيمته. شخصياً لا أعتقد أن أحداً ممن كتب قصد الإساءة أو المساس بالقضاء، لكنها التراكمات مع تفهمي وتقديري لحساسية الإخوة في السلك القضائي من تعرض الصحافة لأحكام أو قضايا، والخلاصة أن حماية هيبة القضاء والقضاة تكمن أساساً في أسلوب معالجة القاضي لما بين يديه وتعامله الشخصي مع الخصوم، وطريقة عرضه لشخصيته في المجتمع والإعلام، مع تيسير إجراءات المحاكم على الناس و إحترامهم.