في عصر التحولات وهيمنة المصالح تبقى شواهد الأيام في حياة الدول والشعوب الكاشف الأمين عن معادن الأصدقاء، أمّا مخاض الأحداث فكفيل بفضح نوايا الخصوم مهما خفيت. وهكذا على المسرح السياسي والتاريخي اليوم نجد (على سبيل المثال المحزن) أن «ايران» جارتنا القديمة على طرف الخليج تقدّم نفسها لنا وللعالم على أنّها «جمهوريّة» «إسلاميّة» تهتم لأمر المسلمين في كل مكان. وهي بهذا صديق نظري لبلادنا حتى كشف كل تطبيق عملي خلال العقود الماضية أن من يتعامل معنا ومع قضايانا شبح «دولة» لم تخرج بعد من «عباءة « الثورة « الطائفيّة بطيشها ونزقها وخفة عقلها السياسي. وإلا كيف لا ترعى الدولة الثوريّة (الاسلاميّة) مشاعر ومصالح أمة شاطرتها تألق التاريخ ورحابة الجغرافيا قرونا عديدة؟! إن «إيران» في مسلكها المريب تتعامل مع العرب والمسلمين بوجه طائفي مريض بحمّى التاريخ وعدوى القوميّة، ولهذا أقامت «اقطاعيّة» طائفيّة داخل «دولة» لبنان، وعزلت «سورية» عن جذورها وجوارها، وقسمت صف اهلنا في «فلسطين» وعبثت اصابعها في «مصر» ثم في «اليمن» ثم ها هي من خلال قناة «العالم» تحاول صباح مساء ان تلهو بوزنيّة المعادلة الطائفيّة في كل دول الخليج. أمّا قناة «العالم « بالنسبة للسعوديّين – كما يردّدون في كل نادٍِِ ومجلس - فتعمل بمثابة سفير النوايا الإيرانيّة السيئة، ، فمنذ إطلاقها عرفناها فارسيّة اعجميّة الهوى والهويّة وهذا حقها، ولكن لأنّها عربيّة اللسان فمن حقنا السؤال عن سر تخصّصها ومن وراءها في تلويث الفضاء العربي بأنفاس الطائفيّة وغبار التشويش السياسي والمذهبي الوضيع للإضرار بعلاقات أبناء الدين الواحد في البلد الواحد.. ولمصلحة من؟ ماذا لو قامت قناة «العالم» بمناقشة جدوى صرف أموال الشعب الايراني في إثارة الفوضى في قلب العالم الاسلامي وترك ما بين 44 -55 % من العائلات الايرانيّة ترزح تحت خط الفقر. وكيف لا تلتفت قناة «العالم» لأحوال أكثر من 90 ألف ايراني مصابين بالإيدز ، أو تناقش بموضوعيّة أسباب احتلال ايران لأعلى نسبة مدمني مخدرات في العالم ، ناهيك عن مناقشة حقوق القوميّات والمذاهب في «ايران» خاصّة وأن القوميّة «الفارسيّة» لا تشكّل سوى نصف السكان تقريبا. أخيرا نقول قد يكون من حق السياسي السعودي أن يضبط أعصابه بصبر الحليم لضرورات تمليها حسابات السياسة وإرث من الحكمة والتعقل تميّز به البيت السياسي السعودي، ولكنّ المواطن والإنسان السعودي لن يصبر كما أن الضمير الشعبي السعودي لن يتوقف عن الكلام والتعبير عن سخطه وغضبه من رداءة معجون الطائفيّة والسياسة التي تحاول إيران تصديره لإلهاء الشعب الإيراني عن بحث جذور المشكلات العميقة في أصل النظام وشرعيّة التوجّه. أما قناة «العالم» فقد صفعها الشعب السعودي وعادت تطوق عنقها بخفي «حنين». * مسارات: قال ومضى: عجبي لمن هشّم الزجاج في الطريق ثم يمشي حافياً ويطلب السلامة..