نجيب الزامل - الاقتصادية السعودية - أهلاً بكم في مقتطفات الجمعة رقم 387. *** - حافزُ الجمعة: عليك أن تصل إلى هدفك ليس لأجل الوصول، وليس فقط لأجلك، ولكن لأن وصولك قد يغيّر في حياة الناس إلى الأفضل، عندها سيكون الهدف الذي وصلت إليه أوصلت معك إليه الناس.. وهذا أجمل تحقيقٍ لأي هدف.. حتى لا يكون الوصولُ إلى الهدف مكافأته أن تكون فيه وحيدا. الوحدة، ليست مكافأة، الوحدةُ عقاب! *** - يأتي المتطلعون الطامحون وهدفهم السلطة، ثم يتفرعون إلى قسمين، فرع يكون هدفه أن ينقل الناس للهدف من أجلهم ومن أجله، فلا تكون السلطة إلا وسيلة للوصول إلى الهدف، فيدخلون سجل الشخصيات اللامعة مثل بروميثيوس حامل الشعلة في الأسطورة الذي يضيء الأرض. وبعضهم يريد أن تكون السلطة هي الهدف، تنتهي الأمور يعيش وحيدا، ويُدحر وحيدا، ويكون في التاريخ مثل بروقرسطس وسريره.. ونُزُلِه. *** - تقول الأسطورة الإغريقية إن رجلاً اسمه ""بروقرسطس"" كان صاحب نُزُل في طريق للمسافرين، فكان كلما نزل به المسافرون أصرّ أن يقدَّ سيقانهم إن كانوا أطول من أسرّته، ويمط أقدامهم مطا إن كانوا أقصر من أسرّته.. كان بروقرسطس يكره القامات المتفاوتة. وبرأيي أن أصحاب السلطة المتخشبين يريدون أن يكون كل من تحت سلطتهم أصحاب قامة واحدة حتى لا ينزعجوا باختلاف القامات.. على أن بروقرسطس كان أكثر براءةً، فهو طيب قياسا بهم فيكتفي فقط بجزِّ السيقان أو مصْعها لا غير. ولكن الإصرار على نشر فكر واحد وطرائق حياة سائدة واحدة فقل على الأمّةِ السلام. *** - كان اجتماعا جميلا الذي تواصل به مفكرو هذه الجريدة باجتماعنا الأخوي في مقر ""أمطار""، تحت خيمةٍ ""غير قذافية"" تبودلت فيها الأفكار والآراء صريحة لأجل مسألة هي أن تصل إلى هدف أفضل للناس في البلاد. وأسميتهم مفكرين لا كُتابا، لأنهم جاءوا للتعرف والحوار بعقلية مجردة تدفعها عاطفةٌ قلبيةٌ مجردة، ورأيت أن هذا من أجمل المعادلات الإنسانية. لم تكن الخيمة ستروق لبروقرسطس ولا تصلح نُزُلاً له، فقد خرج الجميعُ، كما تأكدتُ بنفسي (!)، كما أتوا، متفاوتي القامات، مستقلي الأفكار، وهذا عزّز التعارف، وعمّق الصلة الشخصية بيننا لا المجاملات الدائرة المتساوية التعبير! *** - كتاب الجمعة: أرجو من كل شابّ / شابة يتطلع للعصامية، بدءاً من الصفر ليحلق نسرا عمليا في أجواء النجاح، أن يطالع كتاب ""ريتشارد برانسون"" Buisness Stripped Bare، وأترجمه بروح المعنى لا بنصِّه ""الأعمالُ بلا رتوش"". و""برانسون"" يحمل لقب ""سير"" من ملكة بلاده بريطانيا. يتكلم بالكتاب عن قصة بنائه لإمبراطوريته ""فيرجن"" بصراحة لافتة وممتعة معا، خصوصا طيران ""فيرجن"" الذي كرّس نوعاً جديداً للنقل الجوي الرخيص، وكيف صارت الشركة الأولى في العالم بسرعة نمو تفوق ""ميكروسوفت""، و""جوجل""، و""أمازون"". وكيف أنه الشخص الوحيد في العالم الذي بنى من الصفر ثماني شركات مليارية، كل شركة في حقل مختلف عن الأخرى. يقول في الكتاب: ""إن الأعمالَ في بؤرة قلبها ليست المظهر القشيب، والفوز، أو السطر الأخير: الربح. أو ما تقوله لك كتبُ الأعمال. الأعمال الحقيقية هي التي تهمنا، نحبها، وترجع بالفائدة معك على الآخرين، إنها تفهم احتياجات الآخرين قبل احتياجاتك. برأيي أن ""برانسون"" ""حقق مقصدنا في الحافز بأنه وصل إلى مبتغاه، ليس وحيدا، وإنما مع الناس. مجموعته الآن تدير بعقلية مبتكرة القطارات، وتبني سفينة فضائية، وتؤسس خطوطا رخيصة للطيران في إفريقيا، وتموّلُ برنامجاً كبيراً لمحاربة مرض الإيدز، يقول إن الأعمالَ لا معنى لها إن لم تصنعها أنت من لا شيء، إن لم تبدأ من أفكارك، إنك مثل رسام أمام قماشةِ رسمٍ بيضاء، وريشة، ومجموعة ألوان.. إما أن تلطخها بالألوان، أو تُخْرِجُ منها رسماً بديعَ الصنع والألوان. *** - وبدون ذكر لأسماء تعجبت أن يوصم شعرٌ لشاعر بالهزال فقط، لأنه لم يدرس الشعر، ولا يعرف فصلا من فصوله، ولا نذكر أن عنترة دخل أكاديمية أو مدرسة ليتعلم الشعر، وكل ما عمل الخليل هو ضبط ما هو موجود أصلا، لا اختراعٍ لغير موجود. أعطيك مثلا أقرب؛ ""إلياس فرحات"" الشاعر المهجري اللبناني (من مهجر أمريكا الجنوبية، وهم برأيي أعذب عاطفة وأرق من شعراء المهجر الشمالي) لم يدخل مدرسة، وشعره من أجمل وألطف ما يترقرق في أذن السامع وذوق القارئ، وعالج هذه المسألة بعفوية الشاعر المطبوع بهذه الأبيات: يقولون عمن أخذتَ القريضَ وممَّن تعلّمتَ نظمَ الدُررْ وما كنتَ يوما بطالبِ علمٍ فإنّا عرفناك منذ الصِغَرْ؟ فيجيب هؤلاء: لئن كنتُ لم أدخل المدرساتِ صغيراً، ولا بعد هذا الكِبَرْ فذا الكونُ جامعةُ الجامعاتِ وذا الدهرُ أستاذها المُعتَبَرْ *** - أغرب من كلام القذافي الذي يقول يحق للمرأة أن تنتخب، سواء أكانت أنثى أم ذكرا، ما قرأته في عدد قديم من ال ""ريدرز دايجست"" ورَد به، نقلاً عن بعض لوائح الطيران الكندي: ""ومحظورٌ على كل واحدٍ أن يحاول ركوبَ الطائرةِ.. وهي تطير!"". في أمان الله..