عجبت لمن كتب مدافعاً عن عمر سليمان رجل الاستخبارات في المنطقة الذي قال في مقابلة مع «كريستيان أمانبور» مندوبة ABC: إن العرب غير مهيئين للديموقراطية. استشهد الكاتب على صحة وجهة نظر اللواء بصلاة الجمعة في ميدان التحرير وأن الناس هناك كانوا منقادين خلف الإمام، ويرى أنه لا مكان لهذه المظاهر في عالم ديموقراطي لا حكم فيه إلا للعقل فقط. هذا المنطق لا منطق فيه لأن الصلاة مظهر ديموقراطي حيث يجتمع الناس في الحي وفي المدينة ومن أنحاء العالم كله في مواسم الحج والعمرة باختيارهم كي يشموا نسائم الحرية في فضاء الإيمان وينقذوا أنفسهم من أدواء الاستعلاء والكبر بالوقوف صفاً واحداً بين يدي رب العالمين، ويجدوا في الآيات والأحاديث ما يعزز من وحدتهم ويقوي صفهم ويشد أزرهم. لا مكان لإمام متسلط في مجتمع يلتزم أحكام الإسلام لأن الرسول عليه الصلاة والسلام حذر من أن يؤم الناس إمام وهم له كارهون، ولا أن يطيل فيهم الصلاة ولا أن يخاطبهم مستخفاً بعقولهم ووجداناتهم، ثم إن الخطبة تعبير عن ضمير المجتمع حين لا تصل إلى الخطيب بالفاكس أو تملى عليه كما يفعل الدكتاتوريون. هل امتنع الناس في الدول الديموقراطية عن الذهاب إلى أماكن العبادة بحجة أنها تهدم أركان الديموقراطية لأن القساوسة والرهبان والكهنة يؤمون الناس في عباداتهم أياً كانت هذه العبادات ؟ أم هي مجرد الرغبة في النيل مما يجمعنا على سبيل قويم في ديموقراطية فاعلة وشورى ناضجة.