فيما كانت مشاهد المظاهرات الشعبية والتحركات الجماهيرية غير المنظمة في أكثر من بلد عربي إلا من وسائل إعلام جديد تقودها من فيس بوك وتويتر ورسائل نصية... صَدمت قناة الجزيرة الشارع العربي بوثائق لفضح السلطة الفلسطينية بأمور ترتبط بملف اللاجئين وحق العودة والمستوطنات والمفاوضات مع إسرائيل وغيرها... ولأن السلطة الفلسطينية أرادت الدفاع عن نفسها واعتبرت أن قناة الجزيرة أخلت بالمهنية الإعلامية – طبقا لتصريح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات على "العربية" – ولم تسأل أصحاب العلاقة في القضية عن الوئائق قبل نشرها بطريقة "ويكيليكس"، فإنها من باب النكاية اتجهت إلى المنافس الإعلامي وهو قناة "العربية" للإدلاء بالتصريحات من جهة، ولرد الصاع صاعين ل"الجزيرة" وتحويل الأنظار عنها إلى من ينافسها من جهة أخرى. فتحدث عريقات نافيا كثيرا من الأمور، وقام أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبدربه باتهام "الجزيرة" بتشويه صورة السلطة الفلسطينية. وبعيدا عن الأسباب السياسية لنشر الوثائق التي تقول السلطة الفلسطينية إنها إما ملفقة أو منزوعة من سياقها.. فإن السؤال يطرح ذاته عن سر توقيت نشر "الجزيرة" للوثائق، والنشر قاد بعض مسؤولي السلطة للتصريح من خلال المنافس "العربية" فانشغلت بهما القناتان. ورغم أهمية الموضوع المطروح الذي يجعل السلطة في موضع الاتهام، إلا أنه لم يتمكن من سحب البساط من الشارع العربي الذي يغلي في مصر وتونس ولبنان والأردن.. فظلت الشاشات تنقل صور الشباب وهم يتحركون في الشوارع... ولا أدل على ذلك من سيطرة مشاهد المظاهرات على معظم أوقات القنوات الإخبارية - بما فيها "الجزيرة" التي نسيت وثائقها - ابتداء من أول من أمس في اليوم المصري "الغاضب" الذي تناقلت أخباره مختلف القارات، وليس انتهاء بمظاهرات أمس السبت. ما يلفت في أحداث مصر أن السيناريو يتقاطع مع أحداث تونس في أن التظاهر شمل الدولة كلها، والحكومة حجبت الاتصالات والإنترنت، وحظرت التجول. لكن الجماهير لم تتوقف عن الهدير.