حليمة مظفر - الوطن السعودية لم أورد قصة الأمس حول الرجل "الملتحي" لأني ضد الاختلاط حين توسط محل "اللانجري" المزدحم بالنساء، دون تحفظ على اختلاطه ومزاحمتهن بما ينادي به أمثاله أو حياء بما يفرضه عليه مظهره، إنما أوردتها من باب التناقض والازدواجية في المعايير التي يعيشها بعضنا ونحكم بها على الأشخاص والأشياء، بجانب محاولة استغلال هكذا مظهر لكسب الثقة وإخافة العاملين وجذب الأهمية، وحتى لو أن هذا "الملتحي" كان فعلا مراقبا لمحلات "اللانجري" أو محسوبا على جهاز ما ويمارس دورا ما، هل يُفترض عليه أن يعمل هكذا وسط محل له خصوصية نسائية مزدحم أم يتحين فرصة يكون فيها المحل خاليا ويراقب البضائع كيفما يشاء ما دام أمثاله يرفضون الاختلاط وتوظيف بائعات وكاشيرات لهذه الحجة الواهية؟! فما تفرضه على الآخرين من آراء ينبغي أن تلزم به نفسك قبلهم! أم أن المسألة "حرام عليهم حلال علينا"! والمدهش، أني طالما أستغرب في مراكز التسوق التي يمنع فيها حراس الأمن دخول الشباب أو الرجال دون عائلات، تجدها تسمح بدخول مراهقين أو شباب دون عائلات لمجرد أنهم ملتحون ومقصرون الثوبَ، وهو أمر يثير الغرابة فعلا، إذ لا يمكن الثقة بالأشياء لمجرد مظهرها، وعلينا الخروج من ثقافة القشرة المتقولبة بالتدين إلى حقيقة الأشياء وتطبيق النظام ما دام تم وضعه خاصة أن هذه الفئة هي التي فرضته، وأطرح تساؤلا: ماذا لو دخل رجل لا تبدو عليه علامات التدين المعتادة لمحل عطور نسائي أو ملابس أطفال وليس "لانجري" ! بل ربما يتجول في السوق وحيدا ليتسوق "حاله حال نفسه"، ثم شاهده أحد منسوبي أو المتعاونين مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما الذي سيحصل لهذا الرجل!؟ ببساطة إنه موضع شك! ومؤكد أن بعض القراء مرّوا بهكذا تجربة وأتمنى أن يوردوها في تعليقاتهم هنا، حتما ستتم مراقبته! ربما ينصحونه! وقد تصل لمطالبتهم بأخذ جواله لمشاهدة ما فيه! فقط لعدم وجود علامات "التدين" الشكلانية! وتكفي حكاية"مطعون عضو هيئة حائل" مثالا، فللأسف رغم أنه مع زوجته في السوق إلا أنه تم التعرض له بالطعن وتحول إلى مجلود بحكم المحكمة(30) جلدة بتهمة (التجول في أوساط النساء) كما نشرت الوطن في تقريرها منذ أكثر من أسبوع. علينا الخروج من قولبة الأشياء بالتمظهر الديني!! ومن دائرة الخوف ممن يحاولون استغلال الدين لإخافتنا به حين لا يطبقون المبادئ التي يفرضونها علينا، ينبغي رفض هذه الازدواجية المقيتة التي شوهت جوهر الأشياء، وتصرفي مع هذا "الملتحي" منبثق من مبدأ يُفرض علينا، "إنكار المنكر" حين رأيته منه، ما دام تم فرضه على الجميع دون استثناءات "مظهرية"! ولا أظن أن تصرفه مقبول عند من التزم مبدأ التدين قلبا وقالبا، فهؤلاء هم أول من سيرفضون تصرفه دون تحيز أو عمل ب"انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، وأخيرا، أحمل هنا رجاء لرئيس جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإلزام منسوبي جهازه سواء كانوا موظفين أو متعاونين، بوضع بطاقة تعريفية وإشارة واضحة في ثيابهم حين يمارسون مراقبة الناس والتجول بين العامة، حتى لا يستغل ضعاف النفوس ممن يستغلون "شكلانية التدين" للتشبه بهم وفرض سلطتهم وتطفلهم بما يسيء لجهاز الهيئة، والله المستعان.