أكتب هذه المقالة، في اليوم الثاني، للقاء (70) مثقفا سعوديا، حول مائدة «القبائلية، والمناطقية، والتصنيفات الفكرية» وسط نقاش ساخن، أتمنى أن يخرج برؤية موحدة، تنطلق من معطيات الحاضر، وتعزز الوحدة الوطنية، وتجنبها المآزق، التي قد تقلل من فعاليتها، وتتطلب تحصنها في مواقع منيعة على الاختراق. وحد «عبد العزيز» هذا الوطن، جمع اتجاهاته الأربعة: الشمال، والجنوب، والشرق، والغرب، وصهرها في بوتقة واحدة، لم يسيج أبناء المجتمع بسياج من حديد، ألغى الفوارق الاجتماعية، التي من شأنها زعزعة الأمن الاجتماعي للوطن، وخلصه من التمزق، والانفلات، والتشرذم، وحقق له وحدة وطنية، بفعل عوامل: سياسية، وثقافية كانت متواضعة، ومع ذلك تمكن الرجل من بناء وإرساء أول وحدة وطنية على مستوى الجزيرة العربية، وقامت دولة واحدة، تحولت من مجرد رقعة جغرافية، إلى وعاء للأمتين: العربية والإسلامية. ينبغي أن يرفض دعاة الوحدة الوطنية، التحيز القبائلي والمناطقي، وأن يقاومه المثقفون، كما يقاومون الغزو الذي فرضته عقلية التخلف، وما نجم عنها من قصور مضاعف، يكاد يهدد الوحدة الوطنية في أهم مقوماتها، ومكامن خصوصيتها. الوضع الآن في غاية الخطورة، لا سكوت على ما يهدد الوحدة الوطنية، لا تراجع عنها، نعم لصيغ جديدة لتنظيمها، وتوطيد كيان دولة قوية، تتطلب من الكل، وبخاصة مثقفي الوحدة الوطنية، مواجهة التقلبات الاجتماعية والثقافية الخارجية والداخلية، والتصدي لثقافة، غزت العقل، والخيال، والعاطفة، والسلوك، ناشرة أذواقا وقيما وعادات شاذة، وأن يكونوا على مستوى نزوع الإنسان السعودي، لتحقيق الوظيفة التاريخية للوطن، دون الوقوع في سوء الفهم، حيث عانى المجتمع من غياب: العلم، والمعرفة، وتراجعات، كان لها دور كبير، فيما تتعرض له الآن الوحدة الوطنية، من محاولات ضربها، إذا ظلت القبائلية والمناطقية، تشي بتصرف غير مسؤول، وببلوغ الخلاف مداه، ولذلك دعا الأمين العام للحوار الوطني ( فيصل بن معمر) المثقفين « إلى التركيز على مناقشة الأفكار بمسؤولية، والبعد عن تجريح الأشخاص، والتعصب للآراء، وإصدار الأحكام تجاه الآخرين، ونبذ التعصب، والدعوة إلى مواجهته اجتماعيا وإعلاميا». كي تبقى وحدة الوطن، التي بناها فكر «عبد العزيز» خلال أربعة وخمسين عاما، منيعة على الاختراق، عصية على التمزق، فلا بد من تجريدها من الخلافات القبائلية والمناطقية، ولتكن وحدة الوطن، الصديق الذي يجب الوقوف معه، فلا وحدة بدون بقاء الجوانب المعبرة عن وحدة الوطن، ولا الاقتصاد ولا السياسة، ولا برامج التعليم تفعل فعلها، ما لم تتوج بالوحدة الوطنية. «نحن آل سعود، لسنا ملوكا، ولكننا أصحاب رسالة» قالها الملك عبد العزيز، أختم بها المقال، وأقول: لا وقت للتنظير، الوقت للعمل