تقرأ على الشوارع إعلانات عن محطات إف إم جديدة تنضم إلى ركب المحطتين السابقتين وإلى محطة الراديو الوطني العام «NPR» التابع للأمريكان. باستثناء هذه الأخيرة ومحطة هيئة الإذاعة البريطانية إن ظفرت بها على هذه الموجة فليس من شيء في قديم الإف إم أو جديده سوى أغنيات لا تتوقف على مدى الأربع وعشرين ساعة، وإن توقفت الأغنيات جاء ما هو أسوأ في حواريات ومسابقات لا تكاد تبتعد إلا قليلا عن دردشة الغرف! ربما توقف سيارتك على الطريق وتسأل نفسك ما الذي يجري؟ أكان الوقت المتاح لكثيرين يحتاج إلى تضييعه في هذه البرامج التي تسلب الحياة من الحياة وتدع المتابع في عالم آخر غير عالم العمل والمشاركة الفاعلة؟. ما الذي يضر أن تكون هناك برامج في مجالات الحياة: كالصحة والبيئة والثقافة والعمل والعلم والعلاقات الأسرية والحياة العامة وهموم الناس وكيفية المشاركة فيها على نحو يخفف عنهم ويخفف عن المشارك شعوره بالتقصير تجاه من حوله. إنها أوقات تضيع وأموال تهدر وشباب يعبثون بما ليس لهم ويعيثون في الشوارع بما لا يضيف مفيدا، والحكمة أن توظف هذه القنوات فيما يسهم في إخراج المجتمع من البطالة واللهو إلى العمل والجد. وأولى ما يمكن الاقتداء به هاتان القناتان لأنك لا تكاد تسمع فيهما أغنية أو حوارا فيه من التكسر ما فيه، بل هي برامج تمنحك الشعور بأنك أمام معرض ثقافي متنوع السمات متعدد القسمات ولست أمام محل بيع أغان في زاوية من رصيف قديم.