اذا استثنينا المواقع الالكترونية التابعة للمؤسسات الاعلاميّة القائمة نجد على شبكة الانترنت اليوم أكثر من 145 موقعا اخباريّا سعوديّا تطمح ان تكون ضمن ما يعرف بالصحافة الالكترونيّة أو هكذا تقدّم نفسها. وتتفاوت مستويات هذه المواقع فنيا وتحريريا ما بين محاولات جادة محدودة والكثير من عمل الهواة وكم لابأس به من اللغو الالكتروني المنثور الذي يديره بعض قليلي الخبرة والعلم. و بناء على هذه المعطيات يمكن القول إنه لا توجد على المشهد الانترنتي السعودي حتى اليوم مؤسسة صحفيّة الكترونيّة متكاملة بالمفهوم المهني والعلمي. ومشكلة (وبعضهم يراها ميزة) صحافة الانترنت السعوديّة انها ولدت خارج تقاليد المؤسسات الاعلاميّة بل نجد أن اكثرها تبرعم خارج اطار الصحفيين الدارسين والممارسين وهذا بالتالي شكّل ثقافة " انشر تظهر" التي عمادها الاثارة والتقليد واستسهال النشر دون حسبان العواقب ولعل هذا يعود في جزء منه الى سهولة انشاء الموقع الاخباري الذي غالبا ما يظهر مدويا صاخبا دون رؤيّة او رسالة او حتى نموذج مشروع مهني أو اقتصادي Business Model يمكن أن يستمر ويُحترم. هناك من يرى في انشاء الموقع الاخباري تسلية وتضييع وقت ولا مانع ان جنى منه بعض المال مقابل خدمات غير اعلاميّة او نتيجة استمراء نشر مواد قد تضر بالمهنة واخلاقيات العمل الاعلامي. ومشكلة أخرى أن بعض المواقع الاخباريّة تتسلى على اوجاع الناس ولا توازن في الوجبة الاخباريّة اليوميّة الثقيلة بين تأثيرات الأخبار ذات الطابع السلبي والفضائحي وبين احتياج الناس لبث روح الأمل والتفاؤل من خلال النشر المتوازن للأخبار الايجابيّة واعطاء الجانب الجميل من حياة الناس حظه حتى لا تصبح حياة الناس اليوميّة كئيبة وهم يرون الصورة الالكترونيّة اليوميّة لمجتمعهم يؤطرها الفساد والجريمة وهتك الأعراض. بعض هذه المواقع لاتحتاج كبير عناء من قبل الباحث عند تصنيفها وفرزها اذ تجد محتواها عاكسا لكل صنوف الجهل والتعصب وعدم المسئوليّة بسبب ضيق مجالات الاهتمام وعدم استشعار القائمين عليها لأمانة الكلمة وأهميّة الرسالة المجتمعيّة للوسيلة الالكترونيّة فتجد بعض هذه المواقع وقد تصدرت لنشر الآراء الشاذة والصادمة للسلم الاجتماعي من خلال تبني رؤية مناطقيّة او مذهبيّة ضيقة. وهذا لا تعجب ان وجدت على صفحات بعضها الجنون والفنون في تصعيد كل مشكلة يتعرض لها ابن القبيلة او المذهب اوذاك التابع للتيار الفكري اذ يتجنّد الموقع صوتا وصورة ونصوصا اما للبلبلة حول قضيّة منظورة بين يدي القضاء أويشعل من خلال الشعر والنثر نعرات العصبيّة وثارات المذهب مستنهضا همة من لم يتبعوا دستور " دعوها فانها منتنة" وهم يتداعون باسم العرق أوالمذهب أو التيار لنصرة ظالم او قهر منصف لم يميل ميزانه مع هوى الاقليم او هراء العصبة. مسارات قال ومضى: المال والسُلطة (يجلبان) الأصحاب، (ويبعدان) الأهل والأحباب... عجبي