لم يقف نقاد الفن طويلاً، من قبل أو الآن حول جملة الأمير خالد الفيصل وهو يعلق على الدراما الرمضانية المكثفة بالقول: إن هناك كثيرا من الأعمال الفنية التي كانت تصر على تصوير الشخص السعودي في هيئة كائن غبي. وباختصار فإن أسوأ تراكمات العمل الفني ليس إلا ترسيخ الصورة النمطية، ولعل جملة الأمير تختصر كل حصاد الصورة. ومن اللافت بمكان أن السعودي نفسه هو كل أركان العمل الفني. هو الكاتب والممثل والمخرج ومالك القناة وهو الذراع الإعلاني التمويلي لترسيخ هذه الصورة. ولكن: لماذا لم يجد العمل الدرامي صورة أخرى من عشرات صورنا المختلفة المتعددة لتسويقها في هذا الزحام الدرامي المكثف. هناك عشرات الوجوه للسعودي الذكي ولكنها لا تصلح للكوميديا الساخرة. السعودي هو أكثر شاب عربي على أبواب الجامعة بالنسبة المئوية، مثلما هو الأكثر زحاماً على قوائم أثرياء الكون، وهذه دلالات نبوغ لا تنكر. السعودي هو الأكثر استهلاكاً للكتاب وأكبر منتج له بالتقريب المئوي، وهو أيضاً نصف الزبائن العرب على أكبر ثلاثة مواقع إلكترونية عولمية اجتماعية، مثلما هو أيضاً ذراع التسويق الإعلامي العربي والمشكل الأعلى لصورته الثقافية الجديدة. ومرة أخرى سنعود إلى: لكن: كل هذه الصور المختلفة للوجه السعودي لا ترى النور بسبب من السعودي نفسه. نحن مع عدائنا الفطري للفنون لا نملك مدرسة سعودية متكاملة. لا يوجد لدينا عمل مسرحي مفتوح ولا دار سينمائية واحدة ولا أكاديمية فنون تعمل في الضوء والعلن. ولعله لهذا يكون شهر رمضان، للأسف الشديد، ترخيصاً شبه رسمي باقتحام كل محظور إلى البيت السعودي. تحول رمضان إلى شبه عادة سنوية للزحام الفضائي تحت كثافة إعلانية مفرطة. ولأن رمضان مسافة زمنية محدودة فإن سباق القنوات إلى قلوب المشاهدين لابد أن يأخذ أسرع الطرق. إنه سباق مع زمن قصير لا يشبه الماراثون ولكنه أقرب إلى سباق المئة متر. لا وقت لدى هؤلاء إلا للكوميديا الساخرة. لا مكان للجدية فيه تحت ضغط المنافسة. كلها مجرد نصف ساعة يوميا من الضحك أمام مشاهد يحمل بين يديه أزرار الريموت. ولهذا، للأسف الشديد، لا مكان لغير هذه الصورة الخاطئة أو الناقصة المضللة.