إبراهيم محمد باداود - الاقتصادية السعودية في الوقت الذي كنا فيه نستقبل رمضان بالأدعية ونسأل الله قبل دخوله أن يبلغنا إياه وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام أصبحنا نستقبله بالإعلانات الخاصة بالمأكولات الغذائية والحلويات وغيرها من صنوف الطعام المختلفة وأخيرا أضيف إلى هذا الأمر إعلانات مختلفة ومتنوعة ترحب بدخول رمضان وتعلن استعدادها له وهي إعلانات مسلسلات القنوات الفضائية بمختلف أنواعها سواء كانت الدراما أو الكوميدية أو غيرها من إعلانات البرامج والمسابقات المختلفة. (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان) شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر الصوم والصدقة والقرآن، شهر التلاحم والترابط والشعور بالآخرين، أصبحنا نستقبله ونهيئ أنفسنا فيه إما للطعام والشراب أو للجلوس أمام القنوات الفضائية والانتقال من مسلسل لآخر والاستفادة من التقنية الحديثة، التي توفر إمكانية متابعة عدة مسلسلات أو برامج في الوقت نفسه. إن العقلاء من الناس يعرفون تماماً أن هذا الشهر الكريم لا يمكن استقباله بهذه الطريقة ولا يمكن أن تكون مثل هذه الهجمة الشرسة من القنوات الفضائية بهذا الكم من المسلسلات المتنوعة هي الطريقة الصحيحة لاستقبال هذا الشهر المبارك فمن الواضح لأي سوي أن هناك خللا ما ساهم في نشر ثقافة استقبال رمضان بهذا الشكل المخزي. غير أن كلاً منا يمكنه أن يقوم بنفسه وفي محيط أسرته ومجتمعه بانتهاز فرصة هذا الشهر الكريم وإنتاج أفضل مسلسل رمضاني له ولأسرته في هذا الشهر، ويمكن أن يبدأ هذا المسلسل بإخلاص النية ودعاء المولى أن يعينه على الصيام والقيام وقراءة القرآن في هذا الشهر الكريم ثم يحرص على التسامح والتغافر ممن أساء إليه أو قطعه من أقاربه أو أهله، ويتواصل هذا المسلسل بالحرص على أداء الصلوات الخمس في وقتها في المسجد وهي فرصة عظيمة لمن كان مقصراً في هذا الجانب فأجواء رمضان من أكثر الأجواء التي تمتلئ فيها المساجد ويحرص الناس فيها على صلاة الجماعة ومن فقرات المسلسل الحرص على الصيام الصحيح الذي لا يخالطه شتم أو غيره من الأمور التي تجرح الصيام ومن أجزاء هذا المسلسل قراءة الورد اليومي من القرآن إلى أن يكتمل بنهاية الشهر، والحرص على مشاركة المسلمين في صلاة القيام والوتر، والإكثار من الصدقة وإفطار الصائمين وصلة الأرحام وغيرها من أعمال الخير. هذا غيض من فيض من أفضل مسلسل رمضاني يمكن للإنسان أن يشغل به نفسه ويجمع أسرته عليه في رمضان، إضافة إلى حرصه على أداء مسؤولياته الموكلة إليه في عمله وعدم التقاعس فيها أو التأخر في إنجازها بحجة أنه صائم أو أنه سهر الليلة التي قبلها من أجل أنه كان يصلي القيام أو غيرها من الأعذار الأخرى. شهر رمضان من أفضل وأعظم شهور السنة وهو فرصة ذهبية يجب على العقلاء أن ينتهزوها ويستفيدوا منها، فطاقة الإنسان في رمضان لا حدود لها فهو يقوم بعديد من المهام المختلفة من عمل وصيام وعبادة وزكاة وصدقة وصلة رحم ولو طلب من الإنسان أن يقوم بهذه المهام في وقت غير رمضان لتعذر عليه هذا الأمر. وليس كل ما يقدم في هذه المسلسلات الرمضانية أو البرامج الفضائية سيئا بل مثله مثل أي عمل فيه ما هو مفيد وفيه ما هو غير مفيد ولكن الأجدر والأولى أن يسعى الإنسان إلى استغلال هذه الدقائق الثمينة فيما هو مفيد وأن يتحرى ما هو أنفع وأفيد إليه وأن يعمل على إنتاج المسلسل الرمضاني الخاص به والذي يجد قلبه فيه ويحرص على متابعته ومراقبته لحظة بلحظة وأن يتجاهل جميع المسلسلات الأخرى فكم من أناس يمضي عليهم الشهر ولم تدمع أعينهم دمعة من خشية الله وصدق الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - (رغم أنف امرئ أدرك رمضان ولم يغفر له).