القنوات الفضائية العربية في غالبها ليست متسقة والمجتمعات التي تنتمي إليها ثقافيا، بل في بعض الأحيان على صدام وتقاطع برغم أنها تعيش وتربح من هذه المجتمعات التي بإمكانها بضغطة زر أن تزيلها من قائمة القنوات المدرجة في ريسيفر العائلة. ومع بداية الإجازة يطول مكوث الأطفال والأسرة بشكل عام عند التلفزيون من خلال متابعة الأفلام والبرامج التي تعرض. ولعلي أبدأ بسيدة القنوات الفضائية العربية من حيث العمر والانتشار والقوة وهي مجموعة إم بي سي والتي اختارت شعارا براقا لها (قناة الأسرة العربية)، ولعلي هنا أتناول ما يعني الآباء تحديدا وهي قناة الأطفال (إم بي سي 3) والتي بلا شك استقطبت مجموعة كبيرة من الأطفال وسحبت البساط من قنوات أكثر انضباطاً! بسبب الإبهار في الصورة الذي استقته من كبرى شركات الإنتاج الكرتوني مثل ديزني. لكن هل من الممكن أن نعلن حملة تصحيح أو حذف لهذه القناة أو تلك، بسبب توجيهات ترتكب عمدا؟ وأعتذر عن الجزم بأنها ليست عفوية لأسباب سوف أذكرها وأتمنى التدخل من الشيخ وليد البراهيم الذي تعودنا منه بعض القرارات الحازمة مثل حذف مشاهد القبل الساخنة، وهي تشكر له. إن النيل من مسلمات عقدية لدى الأديان السماوية قاطبة يعد استهدافا للعقيدة التي نعلمها لأبنائنا من خلال برامج كرتونية المقصود منها زرع عقائد فاسدة عبر إيحاءات وتصريحات للأطفال. الخميس قبل الماضي توقفت مع طفلي الصغير عند محطة (إم بي سي 3) والتي كانت تبث فيلما بعنوان (القرود). الفيلم يؤسس لنظرية التطور أو النشوء والارتقاء التي أتى بها العالم الإنجليزي تشارلز داروين والتي أثارت جدلا قويا ولاسيما فيما يتعلق بكتاب أصل الأنواع. القناة العربية أو قناة الأسرة العربية التي تدار بأموال سعودية ونترك أطفالنا أمامها الساعات الطوال تهدم من خلال بث شُبه تتناقض مع النظرية الإسلامية في أصل الخلق وبدء الإنسان. الفيلم فيه من التصريح أكثر من النظرية ذاتها وتبسيطها يجعلك تتشربها بشكل سريع. لذا فإني أناشد المسؤولين أن يمعنوا النظر في برامج الأطفال التي تغرس من الشبه ما يفوق الشهوات التي ننغمس بها عبر الفضاء. والغريب أن تجد بعض قنوات الأطفال تصر على أن تبث كل ليلة (فيلم الليلة) وكأنها تريد ربط هؤلاء الأطفال بقصص غرامية وعلاقات حب مستوحاة من هذه الأفلام. إننا أصبحنا اليوم نخاف على الأطفال وليس الشباب وحسب. بل إن الطفل اليوم مستهدف من خلال التربية على قيم لا تتسق والخلفية الدينية التي ينتمي إليها. الإعلام يعكس جانبا من صور المجتمعات التي يمثلها، ليس من خلال الطرح والنقاش وحسب، بل حتى في مستوى الرقابة على الآداب العامة في البرامج والأقلام، ودونك التفاوت بين دول أوروبا في هذا الجانب. وإذا كان المستثمرون في الإعلام كثيرا ما يتحدثون عن المسؤولية الاجتماعية والوطنية التي قادتهم إلى هذه الصناعة، فمن حقنا أن نتساءل كمستهلكين عن مدى المسؤولية التي يتمتعون بها والتي جعلتهم في غنى عن أي كلفة رقابية حتى ولو من خلال التصنيف العمري للمشاهد.