سعد بن جمهور السهيمي - الاقتصادية السعودية أصبح ""سوق"" الفتوى مفتوحا على مصراعيه لكل من هب ودب، ولم يعد هناك احترام لمرجعيتها المخولة بالإفتاء، حيث دلف على باب الإفتاء من يريد بقصد أو دون قصد زعزعة الأمور وخلطها بفتاوى شاذة خارجة عن إجماع العلماء، وأنني أتعجب من بعض الدعاة الذين كان يشار إليهم بالبنان أن يقحموا أنفسهم في علم لا يجيدونه، ويفتون في مسائل منتهية بإجماع العلماء السلف والخلف، فتجد هذا الداعية يفتي في مسألة كذا والآخر في فتوى أخرى أيضا شاذة وهكذا دواليك حتى أصبحنا نجد الفتاوى تتوالى علينا في الصحف والمجلات والفضائيات، حتى إننا لم نعد نعرف لها أولا من آخر، فماذا يريد هؤلاء وهم يتصدرون الفتوى في أمور لا يجيدونها، وفي فتاوى أكد العلماء أن الخلاف فيها لا يذكر أمام إجماع جمهور العلماء عليها. فأضحى ميدان الفتوى مفتوحا لهؤلاء يبلبلون على الناس، حتى أن هناك من أخذ يتندر بهذه الفتاوى من عوام الناس وينسجون حولها من الأمور المضحكة والمبكية في آن واحد، يفتون في فتاوى لو عرضت على أحمد أو مالك أو الشافعي أو أبو حنيفة لما وسعهم إلا ما وسع ما قبلهم من علماء السلف. فتاوى خاصة قرأت مقالا قبل أيام للشيخ عبد الله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء ينتقد هذه الفتاوى الشاذة ويستشهد بفتاوى علماء كبار كانت لهم مكانتهم، ولهم بعض الفتاوى وتراجعوا عنها آنذاك بعد الجلوس معهم ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - والشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - والشيخ علي بن عيسى - رحمه الله - قاضي الوشم في عهد الملك عبد العزيز، ويضيف لقد كان مقام الإفتاء مقاماً خطيراً لا يرتقيه إلا من هو أهل له من حيث العقل والعلم ودقة التصور، وسعة الاطلاع على كلام أهل العلم وإدراك المقاصد الشرعية، وأن يكون المفتي محل ثقة وقدوة حسنة وتقى وصلاح. ولقد كان للإفتاء وللمفتين مرجع مؤسَّس من ولي الأمر يختص ذلك المرجع بالمراجعة والمتابعة، ومتابعة الاجتماعات بين العلماء ومناقشة ما يحتاج إلى بيان وفتوى وتعقيب. ولا يمنع من التعقيب والملاحظة والرد أن تصدر الفتوى من كبير في العلم إذا كانت الفتوى محل نظر وملاحظة، لذا فإنه من وجهة نظري لابد من استدعاء هؤلاء المفتين والجلوس معهم ومناقشتهم وإعادتهم إلى جادة الصواب وليس عيبا أن يتراجع هؤلاء عن فتاواهم إنما المشكلة إذا استمرت مثل هذه الفتاوى، وإنني أطالب كغيري بإيقاف مثل هذه الفتاوى التي تسيء للعلم وأهله، وتقلل من مكانة الفتوى ومناقشة الذين يصدرونها حتى لا يكرروها، حتى لا يصبح ميدان الفتوى مجالا لا يمكن السيطرة عليه، نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويجنبنا اتباعه.