قال حسان رضي الله عنه بعد يوم بدر يعرض بالحارث بن هشام قبل اسلامه: ان كنتِ كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الاحبة ان يقاتل دونهم ونجا برأس طمرة ولجام * فأجابه الحارث بن هشام: الله يعلم ما تركت قتالهم حتى حبوا مهري بأشقر مزبد وعرفت أني إن اقاتل واحداً اقتل ولا ينكى عدوي مشهدي فصددت عنهم والاحبة فيهم طمعاً لهم بعقاب يوم مفسد * وأهل الادب يقولون ان هذا افضل ما قالته العرب في الاعتذار. اما علاقة هذه المقدمة بفك الحصار عن عزة، فإن ما اقدمت عليه الدولة العبرية مؤخراً يتفق مع ثقافتهم وما جبلوا عليه من قبل: (فَبِمَا نَقْضِهِم ميثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقّ....). ولا اظن منصفاً كان يتصور ان يهود ستأذن لتلك السفن بالدخول ولذلك الحصار ان يفك. لكن اجتماع دول الجامعة العربية اضحى فيه المجتمعون على فريقين فريق يطالب بالمقاومة وهو يعلم ان احداً لن يقاوم الا اهل غزة، وآخرون يطالبون بالدبلوماسية وهم يعلمون انها ما اغنت منذ ربع قرن شيئاً. وكل فريق يعلم ما يخفيه الاخر، والامر كما في تعبير بعض الروائيين “لا الصبي نفع ولا الماء نبع”. الا يمكن لصناع القرار العربي من ساسة ومفكرين وعلماء ان يبحثوا عن طريق آخر يختلف عن هذه الحلول التي يعلم قائلها بأنها ليست اكثر من تسجيل موقف. ان القرار المختلف يحتاج الى رجال مختلفين يملكون رأياً وشجاعة في آن واحد وقبل ذلك يملكون ولاء تاماً لدينهم واعتزازاً به وهم اليوم في الامة قليل.