تشهد الساحة الدينية والفكرية المصرية جدلا واسعا بسبب دعوة وزير الأوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق ، عموم المسلمين لزيارة القدسالمحتلة . وهو ما اعترض عليه بشكل حاسم الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر . الدكتور زقزوق قال حسب جريدة العرب القطرية وعبر عددها الصادر بتاريخ 11 مايو الجاري : ((إن التفاف العالم الإسلامي حول القدس يحمل رسالة إلى العالم مضمونها أن القدس إسلامية، تخص أكثر من مليار ونصف مليار مسلم، وليست قضية فلسطينية أو عربية فقط، مشيرا إلى أن رفض زيارة القدس والاكتفاء بالشعارات والمزايدات والخطب الرنانة لن يدفع القضية خطوة واحدة، بل يمنح الفرصة لإسرائيل للانفراد بالشعب الفلسطيني، وتنفيذ مخططاتها في تهويد القدس.)). و لا أدري حقيقة كيف يمكن للزوار المسلمين للقدس أن يمنعوا تنفيذ مخططات العدو التي تهدف إلى تهويد المدينة المقدسة ؟ كما أنني لا أعرف كيف يمكن للرسالة التي يريد الشيخ زقزوق إيصالها للرأي العام العالمي ، أن تثني إسرائيل عن ممارساتها التي لم تنجح كل قرارات الشرعية الدولية في إيقافها ؟ إن زيارة القدس لا يمكن أن تصنف خارج دائرة ما يسمى بالسياحة الدينية ، وهو شكل من أشكال التطبيع المباشر بين الشعوب وليس فقط بين الحكومات . كما أن زيارة القدس تتطلب الحصول على إذن مباشر من سلطات الاحتلال ، مما يعني إضفاء مشروعية لا مراء فيها للاحتلال الصهيوني للمدينة المقدسة ناهيك عما سيسفر عنه ذلك من تدعيم لاقتصاد العدو . وهذا ما يفسر ترحيب إسرائيل بفتح باب زيارة القدس أمام المسلمين . إن ملايين الزائرين من المسلمين لن يتمكنوا من تملّك شبر مربع واحد في المدينةالمحتلة دون موافقة سلطات الاحتلال . وهذه الموافقة لن تحدث أبدا في ظل ادعاءات العدو المستمرة بأن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لكيانه ، وفي ظل المخططات المعلنة والخفية لتهويد مدينة القدس . فكيف يمكن أن يدعي البعض بعد ذلك أن زيارة المسلمين للقدس ستدعم صمود المقدسيين ، وستوقف عمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي ، وستفشل مخططات التهويد المستمرة للمدينة ؟! قضية القدس لا تنفصل عن القضية الفلسطينية التي هي قضية وجود ذات طبيعة سياسية . وهذا يعني أن الموضوع لا يحتمل هذا التبسيط المخل الذي يمكن أن يحصر مجال التعاطي مع القضية في فتاوى المجتهدين وسجالات الفقهاء عن الحلال والحرام . قضية فلسطين تختلف عن قضايا الفوائد البنكية والنقاب وقيادة المرأة للسيارة .