نواف القديمي - نقلا عن مجلة العصر من السذاجة التعاطي مع المنظومة المعرفية الكلية المنتجة في الغرب بعزلها عن الأنساق الفلسفية والسياق "الفومونولوجي" الذي أنتجه ذلك المجتمع .. لذا تغدو أي محاولة لتفكيك هذه التشابكات الفكرية المعقدة وتجزئتها بغية استنساخ أنماط مبتسرة عن سياقها، ومن ثم محاولة تبيئتها قسراً في مجتمعات تعيش حالة انفصال جذري عن مصدر إنتاج الفكرة، وتدور في فضاء تداولي يحمل مضامين وأيديولوجيا مغايرة ومتضادة ومتخاصمة مع مجتمع الإنتاج، فإن هذا الفعل لا يعدو كونه "يوتوبيا" مستفحلا في "ميكانيزم" العقل المفكر داخل مجتمعاتنا النامية اللاهثة وراء الخلاص .. لأن المسار "الديناميكي" التجريبي الفاعل على الأرض يشير بإلحاح إلى ضرورة الرضوخ لكل اعتبارات حالة التعقيد الفكري، وذلك باستلهام كامل المنظومة بكل تشابكاتها، بغية القفز العملي على حالة التردي الفكري والتخلف الحضاري الضارب في عمق وجدان مجتمعاتنا العربية.. بالعربي: خذوا الغرب كله بخيره وشرّه وحسنه وقبيحه.. فذلكة: المتفحص لمسارات التكون والنشوء للنظم السياسية، والمتتبع لشبكة العلائق المعقدة بين المجتمعات بكل ما تحويه من أنماط وتيارات وإثنيات مع السلطة السياسية الناشئة من ذات المجتمع والمكتنزة بذات المنظومة الفكرية والسلوكية، سيدرك دون شك الطبيعة الجدلية للعلاقة بين المجتمع والسلطة، القائمة على ضمان انتظام مسار حركة العيش اليومي وضبط إيقاع الاستقرار المجتمعي وتوفر متطلبات الفرد كوحدة ناظمة للمجتمع والقيام بتبعات الأمن القومي، وحين تفي السلطة بهذه المتطلبات سيغفر المجتمع للسلطة بعض حالات التجاوز التي تهدف لتطويق النزعات "السيكوباتية" تجاه السلطة، ويتفهم نزعة القلق التي تجتاح النظم السياسية من محاولات خرق التماسك العام للمجتمع وتصعيد أجواء التوتر وخرق قيم التوافق والاستقرار عبر صيغ وشعارات تتوشح إيهاب الحداثة والتعدد. بالعربي: تشريع للاستبداد وللقمع السياسي بحجة توفير الأمن ولقمة العيش.. فذلكة: لا يمكن للنخب التمترس في وجه المجتمعات الساعية وراء الانسجام الفكري عبر تطويق المظاهر الخارجة عن المسار العام للمجتمع التي تمارس تهييجاً لكل المكبوتات الإرثية المضادة للغالبية المتماسكة بغية حقن التوتر والتضاد بين فئات المجتمع .. بل يجب على النخب تفهم هذا اللهاث وراء التماثل والانسجام المشروع لتقوية اللحمة الداخلية في المجتمع حتى ولو استدعى ذلك ممارسة بعض الخشونة المادية المتضائلة أما المصالح العظمى للهدف المنشود، خاصة حين تحمل هذه النتوءات الخارجة عن المسار العام "ميثولوجيا" مكثفة تهيمن على قرارها الفكري والسياسي وتزيد من حال الاحتقان والتصعيد في المجتمع. بالعربي: تسويغ للحروب الدينية والطائفية وتشريع لاستئصال المخالفين.. الزبدة: لا تخضع لخِداع اللغة .. لا تخضع لإبهار الأدوات .. فتش عن المضامين والأفكار المضمرة خلف هذه الأقنعة اللغوية المُضللة، و"المكياج" اللفظي الخادع، فكثيرٌ من الأفكار المُتخلفة والساذجة والمتطرفة تستخدم لغة مقعّرة ووعرة، تُوهم المتلقي بالعمق والرصانة, رغم أنها في غاية الهشاشة والضعف.