نجحت كاميرات دبي في أن تقود قاتلين، أحدهما مأجور والآخر محرض وممول، إلى حبل المشنقة لولا إجراءات في الوقت الضائع يراد من خلالها كسب الوقت من أجل مناورات تشبه تلاعب الساسة. ثم نجحت مرة أخرى في الكشف عن عصابة من إحدى عشرة دولة أوروبية بارزة، هي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وآيرلندا من بينهم امرأة، واستطاعت أن تراقب تحركاتهم منذ وصولهم وأثناء تجولهم وحتى مغادرتهم. في الأولى كانت الضحية سوزان تميم، وفي الثانية كان الضحية محمود المبحوح القيادي في حماس والذي توعدته إسرائيل بالتصفية ولم تخف حركة حماس أن الموساد وراء الاغتيال الذي تم خنقا وجرى ترتيب مسرح الجريمة (غرفة الفندق) كي تبدو الأمور بعيدة عن الريبة. لأن دبي لم تتلكأ في تركيب الكاميرات بل واختيار نظام متميز وشبكة رقابة متطورة وتدريب عال لعقول بشرية تدير النظام، ولعدم الإصغاء إلى مزايدين يهاجمون استخدام هذه التقنيات فقد جاء النجاح بامتياز. العالم اليوم ليس عالم القرية والمدن الصغيرة التي يعرف فيها الناس بعضهم بعضا، ويسامر الجار جاره ويلتئم الجمع على نحو لا يترك مجالا لمجاهيل لا يعلم بها أحد. الوافدون من كل مكان والمتسترون في كل مكان، وانتشار ثقافة العنف والجريمة في الشاشة والشارع، ووجود مدينة خفية وقرية خفية وأحياء خفية تجارتها الحرام من مخدرات وسحر وجنس وخمور وبضائع منتهية الصلاحية ومقيمين بلا نظام، كل ذلك يستدعي أن تتطور آليات الحياة بما في ذلك مراقبة الأماكن العامة لاستيعاب هذه التحولات. الجرأة على اتخاذ القرار لحماية الأرواح والممتلكات مطلب حضاري وإنساني في زمان يحكم فيه الغاب باسم الحضارة وتنتهك فيه الإنسانية باسم القوة والنفوذ.