كشف قيادي في حركة «حماس» ل «الحياة» أن دولة قطر تقوم بوساطة بين الحركة ودولة الإمارات العربية المتحدة في ما يتعلق بالتحقيقات التي تجرى على خلفية اغتيال القيادي في «حماس» محمود المبحوح في مدينة دبي الشهر الماضي. وأضاف ان التحقيقات بدأت من دمشق، المحطة الاولى، لافتاً الى ان الحركة تعكف على اعادة تقويم إجراءات تأمين قادتها. وقال القيادي: «قطر تقوم بنقل المعلومات بين شرطة دبي وحماس في ما يتعلق بالتحقيقات لأنه حتى الآن لا توجد اتصالات مباشرة بيننا وبين شرطة دبي»، لافتاً إلى أن «إرسال وفد أمني إلى دبي لمتابعة سير التحقيقات ومعرفة تفاصيلها يظل مطلباً لنا للتعاون معهم في الكشف عن كل ما يتعلق بهذه الجريمة من ملابسات». جوازات سفر إرلندية وأوضح أن المبحوح كان يحمل جواز سفره الفلسطيني الرسمي الصادر عن السلطة الوطنية برقمه الوطني، لافتاً إلى أن لقب عائلته (المبحوح) لم يكن مدوناً في جواز السفر، وأنه كان لديه سجل تجاري باسمه وبياناته. وأكد أن الضالعين في الحادث يحملون جوازات سفر إرلندية غير مزورة، لافتاً إلى أن جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الخارجية (موساد) «يجند كل الجنسيات للعمل معه». وأوضح أن فريقاً كاملاً من «موساد» كان يترقب وصول المبحوح إلى دبي وكان ينتظره طبقاً لمعلومات مسبقة ومؤكدة، وقال: «الإسرائيليون لا يملكون الجرأة على التحرك وإنجاز مثل هذه العملية إلا بقرار سياسي»، مرجحاً أن يكون اتخاذ هذا القرار تم منذ فترة لا تقل عن أسبوعين قبيل إنجاز المهمة. التجديد لرئيس «موساد» وربط بين اغتيال المبحوح والتجديد لرئيس «موساد» ليظل على رأس عمله، وقال: «تم التجديد لرئيس موساد قبل مدة وجيزة من إنهاء العملية»، مرجحاً أن «سبب ذلك وجود عمليات ناضجة على وشك التنفيذ وهي اغتيال المبحوح». واعتبر أن ذلك «مؤشر خطير يعني أن هناك معلومات من جهة ما تضخ بانتظام لموساد». ودعا إلى عدم تسطيح أو تبسيط القضية لأنها معقدة وخطيرة فعلاً لأن ذلك يعني أنه لا يوجد أحد في مأمن. وأوضح القيادي أن التحقيقات بدأت داخل الحركة في دمشق وعلى المستويات كافة، وقال: «هناك تحقيقات بدأت، وأجهزة الأمن السورية تتعاون معنا، وأجهزة دول صديقة أبدت استعدادها للتعاون في شكل سري أو علني»، مضيفاً: «لا يمكننا أن ننفي أو نجزم أو نقطع بحدوث اختراق ما، لكن لن نستبعد أي شيء من حساباتنا خلال التحقيق». ورأى أن دمشق هي المحطة الأولى لانطلاق عملية «موساد» التي استهدفت المبحوح لأنه غادر دمشق متوجهاً إلى دبي، محطته الأخيرة. ولفت إلى أن «حماس» معنية تماماً بالبحث وإجراء تحريات في المحطة الأولى (دمشق) لبدء عملية استهداف المبحوح. وقال: «البداية كانت من دمشق، وسنهتم بالبحث في دمشق مثل اهتمامنا تماماً في التوصل إلى المعلومات والملابسات كافة التي جرت في دبي، المحطة الأخيرة لعملية الاغتيال»، مرجحاً أن يكون المبحوح رصد محلياً من دمشق. واعتبر أن إقامته في الفندق ذاته في دبي نحو خمسة مرات يعتبر تقصيراً أمنياً. واستبعد إعلان نتائج التحقيق، وقال: «سننشر كلاماً عاماً من دون الخوض في التفاصيل أو التفسيرات». الرد في الداخل سيكون مضاعفاً في غضون ذلك، حذر مسؤول في «حماس» إسرائيل بأنها ستتحمل تبعات اغتيالها المبحوح في دبي، وقال ل «الحياة» إن استهداف اسرائيل قيادات «حماس» في الخارج له مؤشرات خطيرة، معتبراً أن ذلك هو استدراج إسرائيلي للحركة كي ترد في الخارج بهدف توريطها وإدخالها في معارك جانبية تشغلها عن معركتها الأساسية الموجهة ضد الاحتلال الاسرائيلي. وقال: «قرار الحركة حتى هذه اللحظة هو استمرار المعركة مع العدو في الداخل». وخاطب إسرائيل محذراً إياها من أنها «بجريمتها واغتيالها المبحوح فتحت أفق الصراع معها ونقلته إلى الخارج»، وقال: «على إسرائيل أن تتحمل مسؤولية ذلك (....) إسرائيل ستدفع الثمن لأن الرد في الخارج مؤلم وله تبعاته». وعما إذا كانت الحركة غيّرت من نهجها ولم تعد احتمالات الرد في الخارج مستبعدة، أجاب: «الرد في الداخل قد يكون مضاعفاً»، موضحاً أن «نوعية الهدف وحجم العملية التي ستقوم بها الحركة ستكون مبررة وتوازي النقلة الأخيرة التي قامت بها إسرائيل من استهدافها لقيادات في الخارج»، لافتاً إلى أن ذلك من شأنه أن يجبر إسرائيل ويردعها عن القيام ثانية بعمليات ضد «حماس» في الخارج، وأن تبقي الصراع مع الحركة في الداخل. وأضاف: «حماس هي التي تتحكم في قواعد اللعبة وليست إسرائيل، ونحن كفيلون بأن نلزمها قواعد الصراع». واعتبر أنه منذ عام 2006 عندما شنت إسرائيل حربها على لبنان أصبحت قوى المقاومة في المنطقة قادرة على فرض قواعد اللعبة. وأضاف: «لو اختارت حماس أن تقصف تل أبيب، فنحن هنا نرفع وتيرة الصراع، وذلك رد فعل لنقل إسرائيل المعركة إلى الخارج»، مشدداً على أن «الرد قادم لا محالة، وقد يطول أو لا يطول، فهذا قرار كتائب القسام الجناح العسكري للحركة». وأوضح أن هناك خيارات كثيرة لأن الرد السريع قد لا يكون وقعه قوياً لأن الهدف لا يكون ذا قيمة أو الرد قد يتعرض للإحباط نظراً الى حال التأهب الأمني الحالي في إسرائيل، مضيفاً: «القسام قد تفاجئنا وتدهشنا بعمل نوعي غير متوقع لأن لديها إبداعات عقلية وعسكرية متميزة». واعتبر القيادي أن «عملية اغتيال المبحوح مؤشر ودليل الى عدم احترام إسرائيل سيادة الدول، وأنها لا تقيم وزناً لأي حسابات تتعلق بمدى تداعيات ذلك، كما تعكس مدى وحشيتها فهي تستهدف المقاومة في كل مكان وليس فقط داخل فلسطين». وشدد على أن الغرض الذي قامت من أجله إسرائيل باغتيال المبحوح «لن يتحقق»، موضحاً أن إسرائيل تدرك جيداً دور المبحوح ومهماته، وأنه كان وراء إمداد غزة بالسلاح وأنجز مهمته بنجاح قبل أن يقتل. وقال: «سترى إسرائيل وستلمس تماماً في أول معركة معها رد فعل السلاح الذي جلبه المبحوح إلى غزة ... فالسلاح الذي جاء به إلى القطاع للاستعمال وليس لنخبئه، قد نضطر إلى إخفاء بعض التفاصيل، فنحن لن نكشف كل الأوراق، حتى المسائل التي تمكن الإسرائيليون من كشفها نحن غير معنيين بتناولها أو الخوض فيها (...) لن نقدم معلومات مجانية لهم». ورأى أن الحديث عن اختراق جدي من العدو الاسرائيلي هو نوع من القول بأن المبحوح مسؤول عن ذلك لأن أمنه الشخصي كان يعتمد عليه في الدرجة الأولى، فهو كان يتبع أسلوباً أمنياً معقد التكتيك في تحركاته، مشيراً إلى أنه على سبيل المثال عندما كان يذهب إلى لبنان كانت بحوزته تذاكر سفر عدة، ولم يكن يتوجه إلى محطته النهائية مباشرة، ولم يكن يحدد مسبقاً وجهة سفره. وأوضح أن دائرة علاقات المبحوح كانت واسعة جداً لأنه كان يجري اتصالات مع شخصيات من خارج الإطار، وقال: «كان يجري اتصالات مع مَن يمتلك القدرة على جلب السلاح إلى غزة، سواء من البيئة المحيطة أو من العرب أو غيرهم، فشبكة علاقاته كانت غير محددة، لذلك كان يجتهد في تأمين نفسه وأمنه الشخصي، كان قائداً ميدانياً كثير الحركة، ويتنقل بمفرده وحمايته لم تكن منظورة»، مضيفاً: «ستتم إعادة النظر في بعض الإجراءات، وبحث كيف تمكن الإسرائيليون من تخطي الإجراءات التي استخدمها .... نحن معنيون تماماً بمعرفة طريقة تنفيذ الجريمة، وإلى أين توجه القتلة والهوية الحقيقية لمرتكبي الجريمة». وقال: «نريد الحصول على كامل الملف حتى يمكننا أن نقطع هل موساد هو الذي نفذها أم أن الجريمة نفذت من خلال عصابات مافيا أو جماعات مأجورة أو مصالح مشتركة لأن موساد لا ينفذ أي جريمة إلا بيده، ولو تغير هذا التكتيك فلهذا دلالاته ومؤشراته». ورجح أن يكون قتلة المبحوح دخلوا غرفته في الفندق قبيل وصوله، وقال: «هذا التصور أقرب إلى الحقيقة، لكنه لم يحسم بعد»، مضيفاً أنه كان وحيداً في الغرفة، ومحاولة اقتحام الغرفة وهو في داخلها أمر مستبعد تماماً «لذلك نرى أن القتلة كانوا يختبئون في دورة المياه داخل غرفته، وفاجأوه خلال دخوله الغرفة، أو أنهم كانوا يختبئون داخل الغرفة، وعندما خرج من دورة المياه بعد عودته فاجأوه بهجومهم». ولفت إلى أنهم جلبوا معهم دواء لمعالجة الأزمات القلبية، وألقوه بجانبه بعد أن قضوا عليه للإيحاء بأنه أصيب بنوبة قلبية مفاجئة، مشيراً إلى أن هذا هو التشخيص الأولي للأطباء بعد العثور عليه ميتاً في الغرفة.