صوت مجلس الشورى بأغلبية ساحقة ماحقة لصالح التوصية بصرف إعانات مالية للعاطلين عن العمل، وهذا الأمر لا يعني أن العاطلين سوف يتلقون هذه الإعانات خلال شهر أو شهرين أو حتى بعد عام من صدور هذه التوصية، ولكن ما حققه مجلس الشورى بهذا الخصوص يعد خطوة أولى مهمة في سبيل تحويل هذه الإعانة إلى أمر واقع. مبدأ إعانة العاطلين ماليا موجود في جميع الدول الأوروبية ودول مجلس التعاون الخليجي والكثير من دول العالم الأخرى، وهذه الدول لا تهدر الأموال العامة تشجيعا للبطالة ودعما للكسل بل تفعل ذلك انطلاقا من عدة اعتبارات أساسية أولها حقوقي وهو أن توفير فرص العمل للمواطنين هو من واجبات الدولة، فإذا لم تتوافر هذه الفرص لبعض المواطنين لسبب أو لآخر فإن الدولة ملزمة بإعانة هؤلاء ماليا حتى يجدوا العمل الذي يناسب مؤهلاتهم، أما الاعتبار الثاني فهو أمني لأن عدم وجود أي مصدر مالي لدى قطاع عريض من الشباب سوف يقود بعضهم إلى عوالم الجريمة والإرهاب والمخدرات، وثالثها اقتصادي حيث تساهم مثل الإعانات في رفع مستوى الأجور فلا يستغل أرباب العمل حاجة الشباب للمال فيقدمون لهم أجورا زهيدة مقابل أعمال شاقة. ومن أجل نجاح هذه التجربة يجب أن يصاحبها إعلان حد أدنى للأجور يتناسب مع متطلبات الحياة الأساسية فمن غير المعقول أن تصرف إعانة ألف ريال للعاطل ثم نطلب منه الالتحاق بوظيفة لا يتجاوز راتبها 1200 ريال! فهو في هذه الحالة مستعد أن يدفع 200 ريال توفيرا للجهد ووقود السيارة!. وستكون هذه الخطوة ناقصة لو كانت مخصصة للعاطلين من الذكور، فالبطالة هي البطالة، والحاجة هي الحاجة، خصوصا أن بطالة المرأة في كثير من الأحيان نتجت عن دراستها في كليات ومعاهد مخصصة لوظائف محددة ثم كانت المفاجأة بعد سنوات الدراسة أن هذه الوظائف غير متوافرة. وقد يكون من المهم وضع إجراءات معينة لمواجهة أي تحايل قد يقوم به بعض ضعاف النفوس للحصول على الإعانة بصورة غير مشروعة، فمثل هؤلاء تسببوا في إرباك الكثير من برامج الرعاية الاجتماعية والسكنية ولن يكون اكتشافهم أمرا عسيرا.أخيرا .. من الغريب حقا أن يتلقى الطالب الجامعي مكافأة أثناء سنوات الدراسة ثم يصبح بلا أي مورد مالي بعد تخرجه، فهل ذنبه أنه سهر الليالي ونجح في دراسته؟!.