انظر إلى خارطة العالم فسوف تجد أن القتل والتدمير والتفجير في الدول الإسلامية، ففي فلسطين والعراق والصومال وباكستان وأفغانستان سفك للدماء وإزهاق للأرواح ونسف للبنية التحتية وتخريب للعمار، وفئات يكفّر بعضها بعضا، وفتاوى طائشة تستحل دم المسلم وتخرجه من الملة وتحرم عليه الجنة، ماذا أصاب أمة الإسلام؟ أين نصوص الشريعة التي تدعو إلى المحبة والألفة والأخوة والوحدة والسلام؟ أين قول الباري عز وجل: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا»، وقوله: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا». لماذا بقية العالم مشغولون في البناء والصناعة والإنتاج والإبداع والاختراع والاكتشاف، وأمة الإسلام منهمكة في العداوة والفرقة والتقاتل والتناحر والتكفير؟ أخبار أمة الإسلام تتصدر أخبار العالم وأقوال الصحف وأنباء الفضائيات، فلا تسمع إلا أخبار تطاير الأشلاء وسقوط الجماجم وتيتم الأطفال وترميل النساء وهدم المباني ونسف الجسور وإحراق المدن وتعطيل النماء وترويع الآمنين وتعطيل العلم والحركة والتطور. أين علماء الأمة وساستها وعقلاؤها ومفكروها؟ إلى متى هذه المجازر؟ متى تنتهي هذه المذابح؟ متى تُغلق فصول هذه الملحمة الإبليسية الكيدية؟ متى تُقفل هذه اللعبة القذرة؟ متى يصحو الضمير؟ متى نعود إلى رشدنا ونحكّم نصوص الكتاب والسنة التي تدعو إلى الرحمة والأمن والاتفاق ونبذ الشتات والتباغض والتقاتل؟ ألا يستحي من الله هؤلاء القتلة بمدن الإسلام الذين يحملون السلاح على المسلمين والمعاهدين والعزّل والأبرياء والأطفال؟ ألا يكفينا ما أصاب بلاد الإسلام من فقر وأمية وبطالة وظلم حتى قامت طوائف تضيف لنا مصائب إلى مصائبنا وكوارث إلى كوارثنا، أمم الأرض مستغرقة بأنشطتها الاقتصادية والفكرية والإبداعية، وأمتنا في حالة عزاء في قتلاها وجرحاها ومفقوديها، كلما فتحنا التلفاز إذا أخبار المصائب في بلاد الإسلام تذهل العقل وتعمي البصر وتقتل الروح، أصبحت أعصابنا مشدودة وخواطرنا مكدرة ونفوسنا منزعجة مما نشاهده في بلاد الإسلام، جماجم مقطعة في السكك، دماء تسيل في الشوارع، مساجد تُهجر من المصلين، بيوت تُحرق أمام العالم، جامعات ومستشفيات ومدارس ومصانع تُهدم من أساسها وتُنكّس على ساكنيها، ألا دين يمنع؟ ألا عقل يردع؟ ألا شهامة تشفع؟ ألا حميّة تدفع؟ ألا عين تدمع؟ إلى متى هذا المسلسل الحزين المبكي؟ متى تعلن صفارة النهاية لهذه المأساة الدموية التي تجري على أرض الإسلام وباسم الإسلام وبنصوص الدين وبأيدي المسلمين؟ كلٌ يعد العدة وينشئ جيشا ويتحين الفرصة لينقض على إخوانه المؤمنين، أحزاب ترفع رايات الإسلام وتمني أتباعها بالشهادة في سبيل الله وتعدهم الجنة وتبشرهم بالنصر والتمكين وتستحل دماء الأحزاب والجماعات الأخرى بعدما تكفرهم وتشهد بردتهم وتقر بأنهم من أهل النار مع الخطابات الحاقدة التي تغرس الكراهية والعدوانية في النفوس، فينشأ الشاب غاضبا عدوانيا مكفّرا خارجا عن الأمة حاملا للسلاح على المجتمع مبيتا نية القتل العمد لإخوانه، فالله نسأل أن يرفع عن الأمة الإسلامية سوط العذاب، وأن يكشف عنها هذا البلاء، وأن يزيح عنها هذه الغمة، وأن يردها إلى الصواب، وأن يجمع كلمتها على الحق، وأن يهديها سواء السبيل.