حمد الماجد * الشرق الأوسط اللندنية قالوا لها كيف تتزوجين أربعة رجال، إنك كأنثى لن تستطيعي الجمع بين عدد من الرجال الفحل فيهم يفتك بعشرات النواعم؟ أجابت الإعلامية الثائرة المثيرة «الزوجة التي تخون وبائعة الهوى تفعلان أكثر، بلى أستطيع!!!»، استكثرت هذه الفتاة الجموح المخزون الدفاق لعاطفتها الأنثوية على رجل واحد فقررت أن تتزوج بأربعة رجال، عدد بالمقاس. أرادت أزواجها مختلفي الأشكال والأحجام، أحدهم ذو لون أشقر وآخر ذو سمرة، وبمقاسات مختلفة، إذا ملت الطويل هرعت إلى القصير، وإذا سئمت من النحيف ارتمت في حضن البدين، كما أرادتهم متعددي الملل والديانات والأعراق والأوطان، كأنها وهي بينهم في جلسة عمل في مؤتمر لحوار الأديان والحضارات. هل تتصورون أن كلامها مثير جدا؟ غريب جدا؟ لا أظن، فكلامها عادي بل سخيف بالنظر إلى مساحة المسلمات والثوابت والمقدسات التي أصبحت في الآونة الأخيرة كلأ مباحا لمن هب ودب ومشى ودرج، هذا يركل وذاك يشمت وتلك تسخر وأولئك يستهزئون، لك أن تتجول في بعض المنتديات الإنترنتية المنفلتة من كل شيء حيث لا رقابة ولا قيود ولا حدود، واقرأ لبعض الكتاب الذين ينتحلون أسماء مستعارة سيشيب شعرك لهول ما يقولون، أما حواراتهم في غرفهم المغلقة فلا تخالها لو دخلتها معصوب العينين إلا حوارا بين صناديد قريش ليلة الخندق، فتش في الروايات والشعر وكتب «الأدب» التي يحوي بعضها على كل شيء إلا الأدب، تجد تسابقا مسعورا على «الرمزية»، فبدل السخرية الصريحة في نقد الآيات والأحاديث النبوية والتشريعات الإلهية يحل مصطلح «الموروث» نفقا يعبر منه هؤلاء «لفش خلقهم» في الدين وتشريعاته. اللافت هنا يا سادة ليس في سيدة ثارت على «الموروث» واعترضت صراحة على رب «الموروث» وإنما في كيفية اعتراض بعض المتحمسين وأهل العلم عليها، لا أعني الذين يسبون ويشتمون ويكفرون ويلعنون ويهددون حمية للدين مما لا يجيزه الشرع مهما بلغ حجم الجرم والمخالفة، فالحكم على الناس له مساره ونظامه وإجراءاته، ولكني أقصد الذين استدركوا على هذه الفتاة وفاتتهم الغاية الحقيقية من دعوتها الشاذة، حتى نص أحد العلماء الفضلاء وهو يعلق علي «هيامها» بالزواج بأربعة رجال على أنه «لم تجمع عليه الأمة الإسلامية مطلقا»!!! هذا الرد يبدو وكأنه يناقش اجتهادا فقهيا في مسائل الحج أو أحكام الربا أو محظورات الصيام، الرد بهذا الأسلوب نوع من الاستجابة لاستدراج «ماكر» كان من المفروض ألا ينجروا إليه، فمقالتها لم تكن في الحقيقة بحثا عن رأي فقهي «يشرعن» لها تحقيق رغبتها الجامحة «المزعومة» في أربعة أزواج، ولا كانت غايتها كما قالت بأنها محاولة البدء برسم خارطة جديدة للزواج، القارئ أذكى من أن تنطلي عليه الحيلة، الصحيح أنها تحاول أن ترسم خريطة جديدة ومعقدة الحدود والتضاريس لتكون «وغيرها» أكثر جرأة ووقاحة في التعامل مع الدين وأحكام الشريعة. أين الباحثون عن المسار الفكري في محاربة الإرهاب والتكفير والتفجير؟ هذه المقالة في تقديري أحد روافد التطرف، هي عبارة عن محاولة دنيئة لإحداث كوة وثغرة في حصن الدين وتحطيم هيبته وقداسته في النفوس، وبالتأكيد سيتبعها إحداث «ثغرات» أخرى ليس بالضرورة من هذه المرأة ولكن بمعول آخر وبأياد مختلفة، آخذين بأسلوب تبادل الأدوار وتحوير التكتيك. المقالة سهم في كنانة كبيرة والرماة هناك وراء أكمة المقالة، وليهنأ الإرهابيون والمتطرفون فأسهمهم في صعود ما دام فينا من يجرؤ على الدين بهذه الطريقة الصفيقة.