انباؤكم - د . سعد بن عبد القادر القويعي تلاقفت وكالة الأنباء السعودية " واس " , فجأة وبدون مقدمات , ولا حتى مبررات مقنعة , فرحة أهالي جدة بالمطر - قبل أيام - , واتشح تقريرها بالسواد حين تشدقت بالزيف , وأسست له منطقا , وأي منطق . وبرزت معادلة " التضليل " الإعلامي , دون الإحساس بأدنى مسؤولية تجاه المجتمع . فقد تناول خبر وكالة " واس " , فرحة أهالي جدة بالمطر , و توجه المواطنين إلى الكورنيش , للاستمتاع بالأمطار التي هطلت على المحافظة , والاحتفال بأجوائها . وكأن جدة لم تغرق بعد هطول الأمطار جراء السيول , التي حولت المدينة إلى بقايا مدينة , تملأها جثث الغرقى , وحطام الجسور والسيارات والمنازل والمرافق العامة , فجرفت معها فرحة العيد . الأمر الذي أثير في مجمله عملية متداخلة للتهريج الإعلامي , وكأننا في حاجة إلى اتجاه معاكس يقود إلى الكثير من التضليل . تصوير إعلامي كاذب , تشتم منه رائحة نتنة في نقل التقرير , وتصوير مشهد الموت بشكل غريب , آذى مشاعرنا , وجرح قلوبنا , ليس له مثيل إلا بحجم الكارثة , بل هو أشد . ورقصت وكالة " واس " على إيقاعات مختلفة في تغطيتها للخبر وتقديمه لنا . لست هنا بصدد كشف زيف ودجل الخبر , فما حدث يثير السخرية . ويؤكد سطحية التناول للحدث , ونشر الأكاذيب دون تحري الدقة , ومراعاة البحث قبل نشره . إذ أن وسائل الإعلام , تعكس شكل العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنظمة للمجتمع , والمعبرة عن مصالحه , لا أن تحمل ألوية التملق , وأعلام المجاملات الفاضحة . يتحدثون عن شرف المهنة , ومصداقيته وحياديته , ثم يروجون للكذب في جزء من منظومة " التضليل " الإعلامي . فهل تعاني وكالة " واس " من فقدان الذاكرة ؟ . ألا تتذكر الهوة العميقة بين تصريحها والحقيقة , حين خالفت الآراء التي سمعناها , والمشاهد التي رأيناها , فآلمت النفس بزور خبرها , وبهتانها الواضح للعيان . عجبت لك يا زمان , حين ارتضينا أن تبقى رؤوسنا كالنعام , و كأن مشاعرنا الإنسانية تتجزأ . أوليس من حقنا أن نتساءل بعد ذلك : من قام بصياغة الخبر ؟ . – لاسيما - وأن أسر كثيرة فقدت أبناءها في مشهد يدمي القلب على نحو مفاجئ , فشممنا رائحة الموت من كل مكان , حتى وصل أرقام الضحايا إلى " 109 " من البشر , و " 39 " من المفقودين , والرقم مرشح للتصاعد بحسب الرواية الرسمية . إن الحقيقة لا تحتاج إلى رشها برذاذ كاذب . ودور الإعلام يجب أن يكون في توسيع دائرة النقاش , ونقل الصورة كما هي ليستفيد صانع القرار , كي لا يراها بعين مختلفة , ولا تكون قيدا على حرية الرأي والتعبير , فالضمير خير من ألف شاهد . [email protected]