الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة الكرام ، أيتها الأخوات الكريمات ، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. أود أن أهنئكم بعيد الأضحى المبارك سائلاً المولى عز وجل أن يعيده عليكم وعلى أمة الإسلام باليمن والبركات ، آمين اللهم آمين . روي بروايات متعددة وبطرق عدة ترقى بالحديث إلى مرتبة ( الحسن لغيره ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم ؟" قالوا: وما أبو ضمضم يا رسول الله ؟ قال: "رجل ممن كان قبلكم ، كان إذا أوى إلى فراشه قال: اللهم إني لا أملك ديناراً ولا درهماً ، أتصدق به على المسلمين ، اللهم إني قد تصدقت بعرضي على من أصاب منه شيئاً من المسلمين ، فلا أطلبه به في دنيا ولا آخرة." وقد ورد في بعض الروايات أن الله تعالى يباهي ملائكته بأبي ضمضم . أبو ضمضم هذا أحد الأئمة الكبار في مدرسة التسامح والعفو وكرم النفس ، ونحن في عصر العولمة - حيث أصبح للأنانية وروح الثأر والانتقام مخالب وأنياب - نحتاج إلى الاقتباس من عظمة هذا الرجل ... أبو ضمضم لم يكن ممن يحمل درجة الدكتوراه ، والغالب أنه لم يكن من العلماء ولا من الأحبار ، لكنه كان يملك مستوى عالياً من بعض الفضائل العزيزة والمدرَكات الراقية ، منها فضيلة الاهتمام ، إذ إن هذا الرجل يهتم بأولئك الذين يسيئون إليه ويغتابونه ، ويطعنون في عرضه ، إنه يسامح كل المسيئين إليه عند كل مساء ! وفينا اليوم من لا يهتم بأبويه ولا بزوجته وأولاده ، ألا ما أشد المفارقة ؟!.. أبو ضمضم جمع إلى جانب نبل الخلق وسلامة الصدر ذكاء العقل ، إنه يعرف كيف يكون الجود ، وكيف يكون الرجاء في جود الله وبره وعطائه ، إنه يعطينا درساً بليغاً ، ملخصه: يمكن لأفقر الناس أن يكون أجود الناس ، كما يمكن للعبد أن يستنزل عفو الله عنه بعفوه عن عباده ، يا له من فهم رفيع لكرم المولى الجليل ؛ تعفو عن هفوات عباده معك ، فيكافئك بالعفو الشامل عنك ، وهو أهل لأن يُرضي عنك أصحاب الحقوق عليك ، ويزيدك من فضله ... في هذا العيد نحتاج إلى أن نتتلمذ على أبي ضمضم ، ونتعلم منه الاهتمام ، بالآخرين والعفو عنهم مع تحمل أذاهم ، وبعد العيد تكون حاجتنا إلى أن نقطع على أنفسنا عهوداً بأن نقول عند كل مساء مثل ما كان يقوله أبو ضمضم حتى تغتسل قلوبنا بضياء التسامح ،ونشعر أننا بتنا في ضمان من ضمان الرحمن الرحيم . وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.