ميسون أبوبكر - الجزيرة السعودية عواصم ثقافية تحتفل بتراثها ومعالمها ومنجزها الثقافي وأسابيع ثقافية تتنقل من خلالها الثقافة والمثقفين برسائل محبة وأهداف سامية للتعريف بثقافة الذات والبلد ولمد جسور التعاون والمحبة.. تجمع الثقافة ما فرقته السياسة.. تصبح الكلمات مراسيل حب.. والفنون أنغام ود.. والرقصات الشعبية امتداد لتلك التي تتشابه ونشترك فيها لامتداد كل منا في عمق الآخر جغرافيا وتاريخيا وثقافيا وروحيا إن شئت.. نشط المثقف في الآونة الأخيرة ليس في مشهده الثقافي المحلي فحسب بل امتد ليكون جزءا من المشهد الثقافي العربي وبجهود أغلبها فردية إضافة إلى تلك التي تسهم فيها مؤسسات الدولة وأنشطتها التي تشرف عليها والفعاليات التي تدعو لأرضها عددا من المثقفين العرب والأسابيع الثقافية التي تأخذ معها عددا من مثقفيها.. فتكون هذه المبادرات بذور تعارف وعلاقات ثقافية راقية يحافظ المبدع فيما بعد على زيادة تعميقها.. الثقافة إذا شجرة محبة وتواصل وارفة الظل، كثيرة الخير، ذات أساس لبناء مجتمعات تعتز بمنجزها الثقافي.. ولكن ماذا لو حاول فاس أعمى أو معول هدم قلع هذه الشجرة وطمس معالم خارطة طريق استهلكت أعواما وجهودا جبارة لرسمها! هل نحن أمة تقودنا أقدامنا وليست رؤوسنا التي في أعلى مكان في أجسادنا؟!! وأكتب هذا بعد مباراة التأهل لكأس العالم بين شقيقين عربيين لم يستوعب أغلبهما تقبل الخسارة أو النصر بروح رياضية نبيلة؟ هل نحن شعوب همجية.. جاهلة.. متعصبة لا نثأر لكراماتنا ولا لهتك فكرنا وأعراضنا بل نثأر للوحة رقمية تعد أهداف شباك مزقتها أحقادنا وعصبياتنا مسبقا؟! أمة لا تحترم مثقفيها ولا مبدعيها ولا فكرها وإنجازها الإبداعي والعلمي الكبير وتتجاهله ولا تروج له بينما لا توفر جهدا ولا مساعدة في دعم رياضة قد تتحول للعبة فاسدة واستعمار فكري ومادي مقيت يستحوذ كل اهتمامنا وطاقتنا ومالنا، رياضة نشوهها فتُشهر أسلحة الفرقة بالإضافة للأسلحة البيضاء والسوداء والصفراء وتستهلك قوانا الإعلامية وحناجرنا وكل طاقاتنا التي نوظفها في الاتجاه الخاطئ وفي شعبية قد تكون الثقافة الأولى بها والمبدع هو الأجدر أن ينالها نظير جهده وإبداعه. العقل السليم في الجسم السليم.. لكن وبفعل عبث العابثين تحولت الرياضة إلى رياضة أخرى تفسد ما أصلحته الثقافة.. الرياضة صحة وعافية.. الرياضة جمال ورياضة للروح قبل الجسد.. ومرونة للفكر قبل المفاصل.. وواحة نجتمع حولها لا تفرقنا عصبياتنا ولا اختلاف توجهاتنا.. أيتها الرياضة.. نعتذر إن كنا شوهنا معناك الحقيقي.. نعتذر إن كنا وجهنا لشباك ملاعبك هالات من الاتهامات والشتائم.. وللثقافة نعتذر إن كنا فرقنا ما جهد ذويك ومبدعوك لجمعه ورتقه. ** من آخر البحر (رهبة الظل) لمحمد يعقوب: ماذا فعلت لأستدير فلا أرى إلا عذابي! إني إذا استرجعت أحلامي فمن يأسو مصابي؟! وإذا نفضت غبار ذاكرتي فهل أنسى استلابي غِرٌّ وقد ظمئت حناياه لآمال عذاب فمضى إليك يجرُّ أذيال المنى نحو السرابِ مستأنسا بالغيبِ بالمجهول بالحلم المهابِ