في برنامج "صناعة الموت" من قناة "العربية"، وفي حلقة الجمعة الماضية 20/11/2009، حاورت المذيعة/ "ريما صالحة"؛ بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على حركة "جهيمان"، أحد أتباعه المقربين وهو: الأستاذ/ "ناصر الحزيمي"، الذي كشف ندمه على أنه علم باقتحامهم الحرم وقد انشق عنهم قبل ستة أشهر ولم يبلِّغ الجهات الأمنية؛ ليحقن دماءً فاضت في أطهر بقاع الله دون فائدةٍ تذكر! وكان سبب انشقاقه هو احتجاجه "العقلي" على مبايعة "المهدي المنتظر"، وعلى تسليح الجماعة ودخولها الحرم! أما أهم ماقاله "الحزيمي" فهو: إن "جهيمان" لم يكن صاحب فكرٍ"، ردَّاً على النظرية "الهتلانية" نسبة للزميل الدكتور/ "سليمان الهتلان" التي تقول: "لقد قتلنا جهيمان الشخص ولم نقتل أفكاره"! وأطلقها في إحدى مقالاته "الوطنية"! وكل مافي الأمر أن الجماعة كانوا يعانون "هوساً دينياً" والتعبير للحزيمي، يكشف رقيَّ تفكيره، وسعة اطلاعه، وعمق وعيه وتجربته المريرة يبدأ بإعجاب التلاميذ الصغار سناً وعلماً بأستاذهم الذي أبدى شيئاً من الاحترام والحنان عليهم، خلافاً لكثيرٍ من الأساتذة المتكبرين، المنطوين في بروجهم العاجية! ويتطور الإعجاب إلى "فتنة" يجعل منها "الأستاذ" سلاحاً سريعاً فعالاً لتحقيق "ذاته" وتحقيق هوسه على أرض الواقع! ولا ينجو من الفتنة والانبهار إلا قلة من التلاميذ، ينجحون في الاحتفاظ بالحد الأدنى من "عقولهم"، ك"ناصر الحزيمي" الذي شعر بما يسميه "خيبة الأمل" في "أستاذه"، حين طلب منهم مبايعة صهره "محمد عبدالله القحطاني" على أنه "المهدي المنتظر"، ومكمن "الخيبة" أن الأستاذ كان جاداً بطلبه، والموضوع كله كان مداعبة، بدأت بقول أحدهم: والله ياشيخ محمد إن فيك صفات المهدي! وينطبق عليها المثل المصري الشهير: "ما احنا دافنينه سوا"؟ وقصته للتذكير أن اثنين من "النصابين" دفنا "حماراً"، وجعلا حوله ضريحاً، وأشاعا أن صاحب هذا الضريح له كرامات تبرئ الأكمه والأبرص، فتهافت البسطاء ودفعوا ماوراءهم وأمامهم، وحين اختلف "النصابان" أقسم أحدهما قائلاً: "وحياة صاحب هذا الضريح"! فرد الآخر: "ما احنا دافنينه سوا" والحل الجذري لكل هذه "الخيبات" في نظر "الحزيمي" هو نشر "العقلانية"! وربما بلغ طموحه أن تدرَّس الفلسفة في مناهجنا التعليمية، ولكنه لايقصد في الأساس أكثر من نشر الآراء المختلفة، خاصَّةً في علم الحديث، وتطبيق "الجرح والتعديل" دون مواربة؛ فالأحاديث التي تتنبَّأ بالمهدي والجيش الذي يُخْسَفُ به قبل المدينة وهي الأقاويل التي ملأت منابرنا مع "ابن لادن" و"الملا عمر"، بل و"صدام حسين" لا تتجاوز (164) حديثاً، جميعها "آحاد"؛ أي يرويها الواحد عن الواحد! ولن يبهر التلاميذ بأي "أستاذ" لو علموا فقط برأي الجمهور فيها؟