تابعت الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية في جدة؛ لقضيتين حولتا لقاض واحد، القضية الأولى قضية المجاهر بالرذيلة «م.ع»، وقد صدر حكم عليه بالسجن خمس سنوات و1000 جلدة، ومنعه من السفر لمدة خمس سنوات بعد تنفيذ العقوبة. وكان القاضي الشيخ «محمد بن أمين مرداد» ، وهو نفس القاضي الذي حكم على أكاديمي يعمل محاضرا، والذي ابتز طالبة من خلال تهديدها بنشر صورها الشخصية ما لم تدفع له مقابلا ماديا بعد أن مكنته من نفسها عدة مرات؛ لأنه كان يجبرها على الحضور إلى منزله بشكل مستمر. وكان الحكم الصادر بحق الأكاديمي السجن 4 سنوات و300 جلدة وغرامة 15 ألف ريال، ولست أدري هل الغرامة ستذهب للمتضررة أم لا، وهل المتضررة هي من حددت هذا المبلغ لأنه تم تشويه سمعتها أم لا؟ الحق يقال لست ضليعا ولا متخصصا في القانون، لكني وإلى حد ما قارئ في هذا المجال وأفهم أبجدياته، لهذا أتمنى ألا تفسر الأسئلة على أنها نقدية، بقدر ما هي أسئلة شخص يحاول أن يفهم هذا التباين بين حكمين صدرا من قاض واحد. فالجلد الذي وقع على كل منهما متباين، حين حاولت تقسيم الجلد على السنين، وجدت أن الأمر لا يستقيم لأنه وبحسب بسطية كان من المفترض أن يجلد الأكاديمي 800 جلدة على اعتبار أن كل سنة ب 200 جلدة، فهل هناك آلية تحدد للقاضي العدد، أم هي اجتهادات من القاضي في تفسير النصوص، وإن كانت كذلك أليست الاجتهادات الفردية تتحكم بها الحالة النفسية في بعض الأحايين؟ ثمة أمر آخر يركز عليه القانون، وهو مكانة ومهنة وصفة الشخص، وما أعرفه أن الإنسان الفقير والجائع حين يسرق يعاقب، لكن عقوبته لا تصل لحد عقوبة من سرق وهو غير محتاج، فهل ما فعله المجاهر، أكبر مما فعله الأكاديمي الذي هو يمثل مؤسسة تعليمية مهمتها تأسيس وعي وأخلاق الفرد؟ أخيرا .. هل تؤثر ردة فعل المجتمع وغضبه على حجم العقوبة، فمن وجهة نظر شخصية، أرى أن ما قام به الأكاديمي أشد مما فعله المجاهر، فالمجاهر روى عن مغامرات قد لا تكون حقيقة، وعن أشخاص مجهولين، أي هو لم يتسبب بإيذاء أشخاص بقدر ما هو أغضب مجتمعا كان يظن أن كل أبنائه ملائكيون، فيما الأكاديمي تسبب في إيذاء فتاة، ودمر حياتها تماما في مجتمع لا يغفر للمرأة أبدا، تسبب في تشويه سمعة أكاديميات. مرة أخرى أنا هنا أسأل فقط، فربما هناك حكمة لدى القاضي الذي أصدر حكمين متباينين ضد شخص قال إن له مغامرات مع كائنات وهمية، وآخر أكاديمي مهنته تحتم عليه تأسيس أخلاق أفراد المجتمع، وضحيته طالبة بالتأكيد لم تتجاوز العشرين. ربما لدى القاضي آلية واضحة لتحديد العدد المناسب من الجلد لكل قضية، فيما أنا لم استطع حل المعادلة التي بالتأكيد لها منطق، وتحدد بدقة العدد المناسب لكل جريمة، والمواطن يجهلها. يقال: الإنسان عدو ما يجهل، فهل يقتل جهلنا؟