إن هذا العصر الزاخر بالمتغيرات قد حفل بالرواد المدهشين فجاءت حظوظ المجتمعات من التقدم بمقدار استجاباتها المتفاوتة للأفكار الخلاقة على مستوى الفرد والجماعة والمؤسسة والمجتمع والأمة لن يكون أيُّ فعل ناجعاً وذا فاعلية وتتحقق به الأهداف الكبرى أو غير العادية إلا بمعرفة مفاتيحه فعلينا أن نتعرف بدقة على مفاتيح الإبداع الفردي والازدهار الاجتماعي فنستخدمها بمنتهى العناية والمهارة والدقة أما من غير ذلك فإن الزمن يمضي والجهد يضيع والأهداف العامة الحيوية تزداد بُعداً ويبقى التخلف مسيطراً بينما الأمم الأخرى تتواثب نحو القمم وأول هذه المفاتيح التأسيسية أن ندرك أن الإنسان كائنٌ تلقائي فهو في طفولته يتشرب الثقافة السائدة تشرباً تلقائياً فيتشكل بها عقله وتتقولب بها عواطفه وتصاغ بها ذاته وتتحدد بها اهتماماته فبها يرى وبها يقيس وبها يحكم فليس العقل سوى نتاج ثقافي ومن هنا تختلف طرق التفكير باختلاف الثقافات فالعقل العربي هو نتاج الثقافة العربية مثلما أن العقل الياباني هو نتاج الثقافة اليابانية فأنماط التفكير تتنوع بتنوع الثقافات وليس أداء الأفراد والمجتمعات في الفكر والفعل وليس التقدم أو التقهقر سوى التجسيد الحي لهذا التنوع الثقافي وما يتضمنه من تنوع في أنماط التفكير أما المعارف والمهارات فليست سوى المواد التي يستخدمها هذا التنوع كل في الاتجاه الذي تبرمج به وحدد اهتماماته فالثقافات المختلفة تستخدم المعارف الدقيقة والوسائل المتطورة والمهارات العالية لتكريس التخلف.. أما المفتاع الثاني من مفاتيح الإبداع الفردي والازدهار الاجتماعي فهو أن ندرك أن الفرد في الغالب لا يعلم أنه مبرمج فيتوهم أن كل أفكاره وآرائه وتصوراته ومواقفه هي ثمرة البحث والتحقق ونتاج العقل المتيقظ الفاحص ولكن الحقيقة هي غير ذلك فليست كما يتوهم وإنما هو قد تشرّب مكونات ذاته تشرباً تلقائياً سواء كان ما تشربه حقاً أم باطلاً أم كان خليطاً من الحق والباطل ومع ذلك يبقى أهل الثقافات المتباينة مأسورين بما تبرمجوا به تلقائياً وبسبب التباين فيما تتشرّبه النفوس حسب التباينات الثقافية يستخف كل فريق بما يقدسه الفريق المغاير بينما يمتلئ تقديساً لما تبرمج به هو مهما كان سخفُه وبعده عن الحق ويظل مغتبطاً به طول عمره فلا ينفك منه ولا يحاول الانفكاك بل يظل مغتبطاً به مستميتاً في الدفاع عنه مقتنعاً بأنه عين الحق والعقل والنقاء مهما كان غارقاً في الوهم والخرافة ومهما كان مشحوناً بالاضطراب والاختلاط والعكارة.. أما المفتاح الثالث من مفاتيح الإبداع الفردي والازدهار الاجتماعي فهو إدراك أن التخلص من البرمجة التلقائية سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى المجتمعات لا يمكن أن يأتي عفوياً ولا عن طريق التعليم الرتيب مهما كان محتواه ومهما بلغ مستواه وإنما لا يحصل الانفكاك من قبضة البرمجة الثقافية إلا بمؤثر طارئ شديد جارف إن الإنسان بطبعه كائن يتبرمج فهو في طفولته يمتص الثقافة السائدة أما في كبره فينساق تلقائياً إلى التقليد والمحاكاة والمماثلة ويمتثل تلقائياً ما هو سائد ويجتر بشكل عفوي ما يجتره الناس في البيئة التي برمجته ولا يؤثر فيه من المعارف والأفكار والرؤى إلا ما يزلزل مسلماته أو ما يعايشه معايشة حميمة تلقائية ويتشربه عقله تشرباً تلقائياً يجعله يمتزج في بيئته الذهنية والعاطفية ويشكل سلوكه وأخلاقه فينساب منه النتاج انسياباً تلقائياً.. لذلك فإن أي إبداع هو عمل ريادي يحمل إضافة لما هو موجود،بمعنى أنه ليس مألوفاً ضمن نطاق السائد وفي الغالب لا يجد الإبداع من المجتمع قبولاً ولا ترحيباً وإنما يقابل بالرفض والاستنكار وكلما كان أبعد عن المألوف وأوغل في التفرد والإبداع كان الرفض له أقوى والاستنكار أشد لذلك فإننا حين نتتبع حياة المبدعين في كافة المجالات ونفحص وقائع التطور الحضاري عند كل الأمم فسوف نجد أن الإبداع لا يكون إلا خارج الأنساق المستقرة وأنه حورب بشراسة فالسمة الأولى للإبداع وشرطه المبدئي هو الإفلات من أطواق التقاليد والأعراف والأطر الثقافية والاجتماعية والمدرسية والأكاديمية فالإنسان يتبرمج تلقائياً بما هو سائد في البيئة ثم تأتي الأطر لتؤكد الإذعان وترسخ الامتثال وتدفع إلى التماثل وتكرس التكرار وتحيل الاجترار إلى سلوك تلقائي،إن التأطير الثقافي والاجتماعي والمدرسي والأكاديمي يأتي تأكيداً للطبيعة البشرية التلقائية في الانسياق التلقائي مع المحاكاة والامتثال والتقليد والاجترار ومواصلة السير تلقائياً مع نفس المسارات.. إن الانجازات والوقائع والأحداث والطفرات الإبداعية في كل المجالات تقدم شواهد لا حصر لها على أن الإبداع لا يكون إلا خارج الأطواق النسقية وأن المجتمعات لا تزدهر إلا بمقدار استجابتها للرواد المبدعين الذين تمكنهم مواهبهم واهتماماتهم ومعارفهم ومهاراتهم واقتحامهم للمجهول وإقدامهم على التجاوز من أن يخرجوا من الأطواق المحيطة ويتجاوزوا الأطر المستحكمة فيستحثون مجتمعاتهم إلى أن تتقدم نحو الأفضل إننا حين ندرس تاريخ الحضارة سوف نجد ذلك واضحاً في كل المجالات: سنجده في مجال السياسة كما نجده في مجال الإدارة ونجده في مجال العلم كما نجده في مجال الأدب ونجده في مجال الأفكار كما نجده في مجال الأداء فما من عمل إبداعي إلا جاء نقضاً لبعض السائد أو خروجاً على بعض المألوف أو تصحيحاً لتصورات خاطئة مستقرة أو استكمالاً لنقص فيما هو قائم ،إنه شق لطريق جديد وإبداع لمنهج طارئ وحداء صارخ بالمجتمع المتخلف المأخوذ بالدوران والرتابة التلقائية لكي ينتبه لدورانه ويفطن لرتابة حياته ويدرك عقم حركته فيدفعه ذلك إلى أن يغير مساره هكذا هو التقدم لا ينهض إلا على جناحين: جناح الريادة القافزة وجناح الاستجابة الكافية فالازدهار الهائل الذي يعيشه العالم كان ثمرة الاستجابة المستيقظة للأفكار الخلاقة. إن هذا العصر الزاخر بالمتغيرات قد حفل بالرواد المدهشين فجاءت حظوظ المجتمعات من التقدم بمقدار استجاباتها المتفاوتة للأفكار الخلاقة ويعلم الجميع أن الإنسانية قد أنجزت خلال العصر الحديث من الأفكار والعلوم والنظم والمؤسسات والتقنيات وأساليب الأداء والتطورات الهائلة في كافة المجالات ما لم تنجزه البشرية خلال تاريخها كله بل إنها خلال التاريخ الطويل لم تقترب إلى طريقة التفكير الحالية المنفتحة والحافزة التي قادت هذا الازدهار المذهل فنحن نعيش في ظل حضارة طارئة استثنائية وغير مسبوقة في أفكارها وفي أسلوب حياتها وفي مناهجها وفي وسائل عملها وفي نظمها وفي منظومة القيم المسيرة لها وفي اهتماماتها وفي مؤسساتها وفي الأساليب التي توصلت إليها وفي رؤيتها للماضي والحاضر والمستقبل،إنها انقلاب جذري على الاجترار والرتابة والدوران واستياء من الأمر الواقع الكئيب.. لقد تفجرت الإبداعات في أوروبا منذ القرن السادس عشر بل قبل ذلك لكن هذا التفجر العجيب قد بلغ ذروته في القرن العشرين لذلك فإنه عند نهاية القرن الماضي الحافل بالإبداعات أجرت مكتبة نيويورك العامة إحصاء ودراسة وتقييماً للكتب التي ظهرت خلاله وحددت أكثرها تأثيراً على الناس وأشدها انتشاراً في العالم،ومعلوم أن القرن العشرين هو القرن الأخصب في إنتاج الأفكار والعلوم والإبداعات في كافة المجالات وانتهت اللجنة العالمية التي حشدتها مكتبة نيويورك العامة إلى اختيار مئة كتاب من بين خمسين مليون كتاب باعتبارها الأوسع انتشارا في العالم والأشد تأثيراً.. لقد راجعت اللجنة الفاحصة إنتاج قرن كامل من عام 1895م حتى عام 1996م وشملت المراجعة والتقييم ما أنتجه العالم خلال نفس المدة في كل اللغات ومن كل الثقافات وقد بلغ خمسين مليون كتاب وشمل الحصر والإحصاء والتقييم مجالات العلوم بمجالاتها المتنوعة والفنون بحقوقها المختلفة والرواية والقصة والاجتماع والفلسفة وأدب الشباب وأدب الأطفال والسياسة والمسرح وغير ذلك من المجالات الإبداعية المكتوبة.. وليس مفاجئاً أن يكون أكثر الرواد المبدعين أو الأعلى إبداعاً والأشد تأثيراً كانوا من غير حملة الشهادات الجامعية فضلاً عما هو أرفع منها من التخصصات العليا حيث فاز بشرف التأثير الأشد والانتشار الأوسع المبدعون الذين انفضّوا مبكرين من التعليم النظامي واعتمدوا على أنفسهم ولا بد أن يكونوا كذلك فالمنطق يقتضي أنهم الأقدر على التفكير المستقل والأقل خضوعاً للبرمجة والأكثر تحرراً من التدجين فهذه هي الريادة إنها تكون خارج السرب ومنفكة من الأطواق وغير مقيدة بالأنساق وهؤلاء المبدعون الرواد إما أن يكونوا قد ضاقوا من الأجواء المدرسية وما فيها من رتابة وقسر وتحديد وسلطة فتركوا الدراسة النظامية مبكرين وأبحروا منفردين،فلم يستطيعوا أن يتحملوا مواصلة الدراسة لغياب الرغبة واستثقال التأطير المدرسي وقد يكون بعضهم قد ترك مواصلة الدراسة النظامية بسبب ظروف مادية أو عائلية أو غير ذلك لكنهم في كل الأحوال يبقون رواداً يقودون ولا يقادون ويتحركون فرادى وليسوا مغمورين مندمجين.. فالرائد يحس مبكراً بصفاته الريادية ويضيق تلقائياً بالتأطير ويتأفف من أن يساق أو يقاد ولكن الأطر الاجتماعية والقوانين العامة موضوعة للعاديين من الناس وهي أطر قاسية تحابي الامتثاليين ولا تهتم بالرواد المتميزين لأنهم مغايرون للنسق السائد فالمبدع جار الله الحميد كنموذج للمبدع الذي لا يحمل شهادات دراسية لا يجد وظيفة إلا على بند العمال لأنه لم يخضع للتدجين المدرسي ولم يحصل على شهادة مدرسية تتيح له الحصول على وظيفة تتناسب مع قدراته وكفاياته فعاش فقيراً عليلاً بينما نجد أن الكليلين من حملة الشهادات العقيمة يشغلون وظائف عالية ويحصلون على رواتب سخية وينالون مكانة اجتماعية رفيعة إنها مفارقات الريادة فالأنساق السائدة لا تقيم اعتباراً للتميز لأنه نادر ونشاز وغير نمطي بينما أن الأنظمة توضع للناس النمطيين إن الأنظمة العامة لا ترحم المتميزين بل ولا تعترف بهم ولا تقر بتميزهم لذلك فإن بعض الرواد يضطرون لمواصلة الدراسة النظامية رغم إدراكهم بعقمها فهذا آينتشاين كان يكره الدراسة النظامية كرهاً شديداً ولم ينجزها إلا بمشقة ومعاناة ومساعدة زملائه لقد واصل الدراسة من دون رغبة بل واصلها اضطراراً وبتأفف وأعلن عن ذلك تكراراً وبوضوح فمواصلته للدراسة جاءت لمسايرة الاتجاهات السائدة وشروط التوظيف وكذلك فعل الرواد الآخرون الذين واصلوا الدراسة النظامية اضطراراً أو خضوعاً للأهل خلافاً لميولهم غير أن إبداعاتهم جاءت في مجالات بعيدة عن المجال الذي درسوه.. إن الرواد لا ينالون الاعتراف والتنويه إلا في الكتب أما في واقع الحياة فلا يحصل الاعتراف بهم إلا في المجتمعات المزدهرة فعند نهاية القرن العشرين بادر الباحث الرائع فؤاد شاكر بإعداد موسوعة ضخمة عن ذلك القرن الحافل بالإبداع والحروب والإنجازات بعضها كتبه هو وبعضها قام بترجمته وقد أطلعت على (16) مجلداً من هذه الموسوعة الزاخرة وهي بعنوان: (حصاد القرن العشرين) ويقول في المجلد التاسع من موسوعته الحافلة: «بمناسبة انتهاء القرن العشرين أصدرت مكتبة نيويورك العامة كتاباً يضم أسماء مئة مؤلف اختارتها لجنة من كبار الكتاب والنقاد والأساتذة المتخصصين من بين خمسين مليون مؤلف والكتب المئة التي اختارتها لجنة الانتقاء تتنوع موضوعاتها وكتابها أو مؤلفوها من دول شتى فهي تجمع إبداعات أبناء ثقافات متنوعة وكان المعيار الأساسي في الاختيار مدى انتشار الكتاب وتأثيره على الملايين من جماهير القراء في بلده وخارج موطن مؤلفه أو على الثقافة العالمية والتيارات الفكرية والإبداعية» وقد أسفرت المراجعة والتقييم والفرز والمقارنة الاحصائية عن حقيقة بارزة وهي أن الإبداع لا يكون إلا خارج الأطواق المدرسية والأكاديمية وأن القدرة الإبداعية مرهونة بحظ الإنسان من التفكير المستقل واختراق الحواجز وتجاوز الأطر وارتياد المجهول والإتيان بما هو مغاير للسائد فمن بين الكُتَّاب الذي جرى اعتبارهم الأكثر تأثيراً والأشد انتشاراً الكاتب الإيرلندي جورج برناردشو وهو كما يعرف الجميع مبدع شهير وعظيم وغزير الإنتاج وهو لم يتجاوز المرحلة الابتدائية في الدراسة النظامية مثله مثل العقاد وغيره من عمالقة الفكر والأدب وقد فاز برنارد شو بجائزة نوبل لكنه رفضها وقد وجدت اللجنة بأن مسرحية (بيجميليون) وكذلك بقية إبداعاته من أوسع الكتب انتشاراً في العالم ومن أشدها تأثيراً على التفكير الإنساني.. كما نجد في القائمة نفسها آرثركوستلر وهو مبدع عالمي واسع الشهرة وغزير الإنتاج ثقف نفسه فلم يلتحق بأية جامعة فأبدع خارج الأطر المدرسية والأكاديمية وقد وجدت لجنة التقييم أن روايته (ظلام في الظهيرة) من أوسع الأعمال الإبداعية انتشاراً في العالم وأشدها تأثيرا على القراء من مختلف الثقافات ومن المعروف أن له أعمالاً إبداعية أخرى كثيرة مترجمة لمعظم اللغات ورائجة في كل الثقافات بما في ذلك اللغة العربية.. كما اختارت اللجنة رواية (ذهب مع الريح) وهي للمبدعة الأمريكية مارجريت ميتشل وهي أيضاً لم تتجاوز في الدراسة النظامية المرحلة الثانوية إنها من أوسع الأعمال الإبداعية انتشاراً في العالم وقد قرأها أكثر من مئة مليون إنسان في مختلف أقطار الأرض ومن مختلف الثقافات والمعروف أن هوليوود قد حولت الرواية إلى (فيلم) بنفس العنوان فكان من أوسع الأفلام رواجاً وتأثيراً.. ومن بين الأعمال الأكثر انتشاراً والأشد تأِثيراً في العالم خلال القرن العشرين رواية (مئة عام من العزلة) وهي للمبدع الكولمبي جبريل ماركيز الحائز على جائزة نوبل وهو أيضاً لم يتجاوز المرحلة الثانوية في الدراسة النظامية وله إبداعات أخرى كثيرة يتداولها القراء في كل اللغات والكثير منها لها في العربية عدة ترجمات.. والشيء المبهج أن هذه اللجنة العالمية قد اختارت رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) للمبدع العربي السوداني الطيب صالح وقد عدتها اللجنة من أوسع الأعمال الإبداعية انتشاراً في العالم وأشدها تأثيراً على القراء من مختلف الثقافات فهي مترجمة إلى لغات عديدة والمعروف أن الطيب صالح لا يحمل شهادة جامعية فهو كغيره من الرواد المبدعين قد اعتمد على نفسه في التحصيل فكون ذاته تكويناً متيناً ونوع مصادر معارفه فأنجز إبداعات رائدة يعرفها المتابعون.. كما أن اللجنة قد توصلت إلى أن رواية (لمن تقرع الأجراس) للمبدع الأمريكي ارنست همينجواي تأتي ضمن المئة كتاب الأوسع انتشاراً والأشد تأثيراً خلال القرن العشرين وقد اختيرت من بين خمسين مليون كتاب من إنتاج ذلك القرن الزاخر بكل ما هو عجيب ورائع ومثير ويعلم القراء بأن همينجواي قد توقف عن الدراسة النظامية بعد الثانوية ولكنه مع ذلك بل بسبب ذلك صار هذا المبدع الرائد لأن مواهبه لم تخضع للقسر والتدجين فنال جائزة نوبل وصار الأوسع انتشاراً والأشد تأثيراً بين كُتّاب هذا القرن الحافل بالإبداع.. كما اختيرت رواية (إلى المنارة) للمبدعة البريطانية فيرجينيا وولف لتكون ضمن قائمة المئة كتاب الأوسع انتشاراً والأشد تأثيراً متفوقة على خمسين مليون مبدع في القرن العشرين ولعل القارئ يعلم بأن هذه المبدعة لم تتجاوز المرحلة الثانوية،، وقد ضاق المجال عن استعراض بقية الأسماء المبدعة لكنها جميعاً تؤكد بأن الإبداع لا يكون إلا خارج الأطواق فالرائد يقود ولا يقاد ويتقدم ولا يأتي في الخلف ويتفرد ولا يذوب في القطيع ويسهم في حفز الإنسانية إلى المزيد من التقدم والريادة والازدهار بخلاف الذين يعوقون المسيرة الحضارية ويجرونها نحو الخلف ويتباهون بالاجترار الذي يلوكونه بانتفاش وغباء ورعونة..