تشير آخر الإحصائيات إلى أن عدد الفضائيات العربية وصل مع مطلع عام 2009 إلى 474 قناة فضائية مجانية تبث برامجها باللغة العربية، بمعدل زيادة سنوية يبلغ 28 في المائة... وغالبية القنوات العربية الجديدة تعاني من أزمة حضور ومشاهدة نتيجة استحواذ المؤسسات الإعلامية العربية العملاقة على النسبة الأكبر من عدد المشاهدين وبالتالي استقطاب الرعاة والمعلنين، وأصبح نادي الكبار في الفضائيات العربية يضم خمس قنوات أقل واحدة منها سجلت حضورا على الشاشة تجاوز العشر سنوات، وذلك وفقا لما ذكرته مجموعة المرشدون العرب المعنية بتحليل سوق الاتصالات والإعلام في العالم العربي. وعلى الرغم من البون الشاسع بين المؤسسات الإعلامية العربية الضخمة وبين قنوات «الدكاكين»، إلا أن كبار الفضائيات في واقعها لم تقدم لنا مضمونا يعبر عن هوية المحطة ويبرز عنصر الإبداع وإنما تؤكد على غياب حاسة التفكير الإبداعي على مستوى الإبهار البصري والمضمون التفاعلي، وغالبية القنوات العربية التي لا تعمل وفق خط «إيديولوجي» ترفع شعار «نبدأ من حيث انتهى الآخرون»، وتتلاشى لديها عناصر الفكرة الخاصة إلى استنساخ الأفكار الرائجة في محطات أخرى ثم «تعريبها» ونسبة «البرنامج الأول في العالم العربي» إليها، مؤمنة بأمرين: أن المشاهد العربي يقبل كل ما تعرضه تلك المحطة، وأن الاستنساخ خير وسيلة لإثبات الوجود، فتطلق حملة التعريب العالمية للإبداع البصري في فرنسا وأمريكا وبريطانيا وتركيا وإيران، فكل ما نجح هناك يعني بالضرورة نجاحه هنا. سأتعب وأتعبكم في تعداد البرامج المستنسخة والمعلبة والمشتراة من «من سيربح المليون» و «سوبر ستار» و «ستار أكاديمي» و «الرابح الأكبر» وغيرها مما تقادم عهده وأثبت فشله، فضلا عن ملء هيكل البرامج بما لذ وطاب من منتجات المسلسلات والأفلام والوثائقيات، فالمسألة لا تتعدى كون مالك المحطة عنده «دراهم» وبالتالي يعمد إلى سد الفراغات بمنتجات الآخرين لا منتجه هو، الأمر الذي خلق ثقافة فضائية عند الفضائيات العربية في استسهال مايعرض على الشاشة، ولم تفكر يوما ما بأن سمة المشاهد لم تعد كما كانت «أي كلام» بعيدا عن الفطنة والنباهة. فضائياتنا العربية ذات الإطار العام لم تحقق حتى اللحظة الراهنة حالة النضج التي تستند إلى منظومة من القيم والإبداع، ومازالت تراوح في مكانها دون رسم استراتيجيات تعتمد في برامجها على إشباع احتياجات المشاهد وتفكر بما يفكر، وليس بما يفكر الأتراك أو الفرنسيون الذين أبدعوا في مجالهم فاستنسخنا أفكارهم، لأن فضائياتنا باختصار.. ماعندها هوية. [email protected]