د. عمار بكار - الاقتصادية الرومانسية هي في معناها الأصيل الخيال والإبداع والتحليق في سماء لامعة من صنع الإنسان، والمدن تصبح رومانسية عندما تمتلىء بالإبداع وتصبح ناطقة بالأفكار الخلاقة وبالتاريخ العظيم وبالتفاصيل الجمالية الساحرة. عندما تهيم على وجهك في شوارع باريس أو مانهاتن أو لندن أو سان فرانسيسكو أو روما أو بكين فأنت تستمتع بكل لحظة ولا تكاد تستطيع أن تغلق عينيك لأنك تعيش تلك اللحظات الإبداعية كلما التفت يمنة أو يسرة، وتشعر بالرومانسية تمتلىء بها كل خلاياك حتى يكاد الدمع يداعب عينيك تأثرا بما ترى وتشعر. فيما يلي وصفة سريعة من عشر خطوات لأي عمدة مدينة عربية يريد تحويل مدينته إلى مدينة رومانسية: 1. أعلن لكل الناس وكل المسؤولين ورجال الأعمال وقادة الشباب أن مدينتك تبحث عن الجمال وأنك مستعد لتمويل أي مشروع يحمل الإبداع والجمال بين ثناياه. 2. اهتم بالتاريخ. ابحث عن التاريخ في أي ركن من أركان المدينةودعه ينطق. املأ المدينة بالمتاحف وشجع رجال الأعمال على تمويلها وتبنيها. اخلق ضريبة من أي نوع بحيث يسهم أهل المدينة وزوارها بشكل جماعي في تمويل الاهتمام بالتاريخ والحفاظ عليه وترميم المباني القديمة. يجب أن تكون هناك بروشورات وكتب ولوحات إرشادية كبيرة وصغيرة في كل مكان تحكي قصة تلك الآثار التاريخية وتفاصيلها. 3. شجع الأعمال الفنية. اجتذب الفنانين إلى مدينتك بكل طريقة. ابن جامعة للفنون الجميلة، أسس معارض الفنون الدائمة، شجع رجال الأعمال على عرض مجموعاتهم الفنية النادرة، احتفل بالمعروضات الثمينة، شجع المسرح بأنواعه، اخلق الجوائز الفنية، احتفل بكل فنان يعيش في المدينة أو ينتمي إليها، شجع ومول النحت، املأ به ميادين المدينة وزواياها. 4. امنح المدينة حلة جميلة، اهتم بالفنانين الذين يرسمون على الحائط والجسور، شجع اللوحات الإعلانية بأنواعها، دعها تنتشر في كل مكان، ثم شجع على إيجاد قواعد جمالية لتلك اللوحات، دع الفن ينطق في كل جوانب المدينة، وأحط المدينة بالأنوار الخافتة والهادئة التي تجعل ليل المدينة ليلا عذبا يشبه ليل العاشقين والحالمين. شجع الفن المعماري بأشكاله وكافأه بكل طريقة. الفن المعماري هو ما سيبقى على مر السنوات شاهدا على الإبداع في المدينة. 5. الشعر هو مفتاح قلوب العرب. المدينة العربية التي تحتفل بالشعر بمختلف الطرق ستملأ القلوب بالكثير من الأحلام والعواطف. الشعر هو الكتاب الذي يحمل كل معاني الخيال والإبداع. شجع أبيات الشعر على التسلل للمظاهر العامة للمدينة، احتفل بالشعراء والأمسيات الشعرية، واحرص على أن يشعر الجميع أن الشعر هو شعار المدينة. 6. الخضرة والماء والوجه الحسن هي ملامح المدينة الحسناء الفاتنة، والناس يسافرون كل صيف بحثا عن الطبيعة. الكثير من المدن العربية لم تكن محظوظة بالطبيعة، ولكن هذا لا يعني الاستسلام. يمكن دائما البحث عن ظواهر طبيعية يحتفى بها، ويمكن دائما ملء المدينة بالشجر والخضرة والزهور، ويمكن دائما خلق المسطحات المائية الصناعية التي تتحول لجزء مهم من رومانسيةالمدينة. الطبيعة والماء هي السر في أي مدينة تريد أن تمنح الإلهام والأنس لسكانها. 7. الأمن في المدينة أهم من الرومانسية والجمال، ولكن كلما أمكن منح حرية الحركة في المدينة من دون التأثير في الأمن (ومن دون مصادمة القيم السائدة)، كلما منحت فرصة لحياة أجمل في المدينة. دع الناس يفعلون ما يريدون، اسمح للمحال التجارية أن تمارس حريتها، قلل من القواعد والقوانين ما أمكن، فالحرية كفيلة بأن تلهم الناس كيف يحولون المدينة لمدينة أجمل. 8. المدينة التي لا يمشي فيها الناس لا يمكن أن تكون رومانسية. الناس يحتاجون إلى أماكن ليمشوا فيها ليس فقط لممارسة رياضة المشي، بل للاستمتاع، والانتقال من مكان إلى آخر، هذا يفسر متعة المشي في أوساط المدن Downtown عندما تكون المباني متقاربة جدا، لأن هذا يعني الاستمتاع بمباهج المدينة مشيا على الأقدام. 9. شجع الناس على العطاء لمدينتهم. المؤسسات ورجال الأعمال والشخصيات الشهيرة والمؤسسات الخيرية والحكومية كلها يجب أن تعمل متكاتفة مع سكان المدينة لخلق مدينة أجمل. هناك مبادرات عربية كثيرة، ولكن نحتاج إلى مبادرات أكثر. كل الأفكار مهما كانت صغيرة أو غير أساسية يجب أن تجد لها مكانا من التنفيذ. دع الشباب يشاركون في التنفيذ, فطاقة الشباب هائلة ويمكن أن يصرف الكثير منها في خلق مدينة أعظم وأجمل. 10. المدينة الجميلة الرومانسية تحتاج إلى كثير من المطاعم والمحال التجارية المميزة والكثير من الاستثمار، وهذا لا يمكن بدون خلق بيئة سياحية. كل المدن يمكن أن تزار لو وجد فيها من التنظيم والتفاصيل التي تسمح بذلك. المدينة التي تفتح قلبها للناس هي مدينة معطاءة عاطفية، والمدينة التي تضع الكثير من الشروط عليك أو لا ترحب بك هي مدينة لا يمكن أن تكون رومانسية. ترى ما أكثر المدن العربية حلما وجمالا؟