انباؤكم- د . سعد بن عبد القادر القويعي يعتبر يومنا الوطني من أغلى أيامنا التاريخية- ولا شك -, فهو يذكرنا بأعظم إنجاز عربي في القرن العشرين , وهو قيام دولة شديدة التماسك . فالملك عبد العزيز - رحمه الله - كان يدرك أن مهمة التوحيد والتأسيس ليست سهلة , بل منعطفا تاريخيا هاما في المنطقة العربية كلها . فذهبت إلى غير رجعه تلك الصراعات القبلية , وانتظم المجتمع السعودي في بوتقة واحدة , واستطاع أن يجمع الشعب حوله في نمط فريد , ونموذج عجيب بين الراعي والرعية . وفي الوقت الذي كنا نحتفل بيومنا الوطني , ليزيدنا فرحة وغبطة ومفخرة لكل من ينشد الوحدة والاستقرار , فقد تجرأت أيدي العابثين بالأعمال التخريبية في بعض مدن المملكة , وحطم المشاغبون واجهات عدد من المحلات التجارية , وقاموا بعمليات سلب لغالبية هذه المحلات , في ظل غياب الذوق العام , والجهل بأهمية هذه الممتلكات في حياتنا الاجتماعية , وذلك قبل أن تتمكن القوات الأمنية من السيطرة على الوضع , والقبض على البعض منهم . وتعتبر هذه الأحداث جريمة وتعديا على الغير في الممتلكات , وهي أخطاء في حق الجميع , لا يجوز السكوت عليها . وإذا كان الله - جل في علاه - قد حرم الاعتداء على مال الغير , فمن باب أولى أن تكون الحرمة أشد في حق الممتلكات العامة , فلا يجوز الاعتداء عليها , أو التهاون في المحافظة عليها . فحرمة الممتلكات العامة أعظم من حرمة الممتلكات الخاصة . كما أن الاعتداء على تلك الممتلكات ضرب من ضروب الفساد العام , يؤدي إلى إضعاف الاقتصاد الوطني . إن الوعي بأهمية المحافظة على الممتلكات العامة ليس شعارا نرفعه , أو كلاما نردده بل هو واجب شرعي , وحس وطني , وخلق اجتماعي من أجل إيجاد جيل يحافظ على تلك الممتلكات , ويقدر قيمتها , ويعي مسؤولياته تجاهها . فالمحافظة عليها جزء من مكتسباتنا العامة , وسمة من سمات المجتمعات الراقية ,لأنها ملك الجميع , إذا لا شيء يعدل الوطن إلا الوفاء والتضحية له . قد أتفق بعض الشيء مع من يقول : إن مرد تلك السلوكيات الخاطئة إنما هي أمراض نفسية يعاني منها هؤلاء الشباب , ناتج عن عدم تحقيق الذات , كما أنه ناتج عن حالة مفرطة من التوتر والقلق , وبالتالي سينتج عنه حالة من انعدام الشعور بالأمن , فتنعكس تلك الاضطربات النفسية على سلوكيتهم للفت الانتباه . إلا أن تربية الشباب على احترام الآخر والبيئة ضرورة دينية واجتماعية , فنعودهم على ذلك حتى يتولد لديهم الإحساس بالمسؤولية من الحفاظ على المال العام , لأن به مصلحة الأمة كاملة . كما أن تفعيل المناهج الدراسية في تنمية الشعور الوطني , والمحافظة على الممتلكات العامة مطلب مهم , لتنشئة الفرد من النواحي النفسية والعقلية والاجتماعية , وتعديل سلوكه من خلال ضبط المثيرات والاستجابات , والآثار الاجتماعية والاقتصادية التي تترتب على الاعتداء عليها , فإن الحرية تنتهي عند حدود الآخرين . إن مشكلة كهذه .. جديرة بإجراء البحوث والدراسات لمناقشة الأبعاد التربوية للقضية , وإيجاد الحلول , وهو ما يؤكده - الأستاذ - عبد الرحمن بن صالح عبدالله , من أن : المحافظة على المال العام من القضايا المهمة التي تهم التربية , إلا أن الدراسات التي تبحث في هذا الموضوع في البلاد العربية شديدة الندرة . وبالرجوع إلى قاعدة البيانات التربوية ERIC , اتضح أن مئات الدراسات أجريت في الغرب في السنوات الخمس الأخيرة , بينما لم أحصل بعد الاستعانة بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية , وهو مركز متخصص , وبه بنك معلومات إسلامي متميز , إلا على بضع دراسات ولم يناقش أي منها البعد التربوي للقضية . [email protected]